إظهار: 1 - 7 من 11 نتائج

الصحابية أسماء بنت عُميس

منقول من مجلة زاد المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

 السيدةُ أسماءُ بنتُ عميس من السابقات في الإسلام قبل دخولِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم دارَ الأرقم، ومن المهم أن نذكرَ أن أخواتهِا لأمِّها هُنَّ: أمُّ المؤمنين ميمونةُ بنتُ الحارث، وأمُّ المؤمنين زينبُ بنتُ خزيمة ولبابة الكبرى بنت الحارث زوجةُ العباس بن عبد المطلب. وأختُها لأبيها وأمِها سلمى بنت عميس زوجةُ حمزة بن عبد المطلب.

عندما أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من استطاع من أصحابه بالهجرة إلى الحبشة كانت أسماءُ متزوجةً حديثًا وقد هاجرت مع زوجها جعفرِ بنِ أبي طالب إلى الحبشة، فولدت له هناك أولادَه عبد الله، وعون، ومحمد ثم هاجرت مرةً أخرى إلى المدينة مع زوجها وأولادِها بعد أن أمضوا 13 عامًا في الحبشة.

بعد هجرتها إلى المدينة المنورة كانت هناك قصة لها مع سيدنا عمر رضي الله عنه: فقد ذهبت ذات يوم لزيارة أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها وبينما هما جالستان جاء سيدنا عمر فاستأذن ودخل بيت ابنته والسيدة أسماء لا تزال هناك فرحب بها ثم قال لها ممازحًا “لقد سبقناكم بالهجرة إلى المدينة يا أسماء، فنحن أحقّ برسول الله منكم” لكن على ما يبدو أسماء أخذت كلامه على محمل الجد فقالت: “لا والله لستم أحقّ برسول الله منّا كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطعم جائعكم ويعظُ جاهلكم وكنّا بعيدين في الحبشة وذلك في سبيل الله ورسوله” ثم أضافت: “وأيْمُ الله لا أَطعَمُ طعامًا ولا أشرب شرابًا حتى أذكر ما قلتَ يا عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا أكذب ولا أَزيغ ولا أزيد عليه” وورد في البخاري ومسلم أنها شكت بالفعل للنبي صلى الله عليه وسلم فسألها وماذا قلتِ له؟ فقالت قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا‏.‏ فقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏”لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ”‏‏.

والمقصود بأهل السفينة هم الذين هاجروا إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة لما اشتد اضطهاد قريش حيث أنهم قد ركبوا السفينة للوصول إلى الحبشة وتحملوا مشاق السفر ومشاق الغربة أيضا.. المهم لما قال رسول الله لأسماء ما قال لم تسعها الفرحة ووصل الخبر إلى الصحابة الذين كانوا في الحبشة بأن لهم هجرتان وثوابان فغمرتهم السعادة أيضا حتى أن بعضهم كان يأتي ويسألها أن تكرر على مسامعه ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من شدة فرحهم وسعادتهم بما قال.

كانت أسماء متزوجة من جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما ابن عم رسول الله والذي كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول له “أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي”‏. ونريد هنا أن نتحدث عن حاثة استشهاده رضي الله عنه: في السنة الثامنة للهجرة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم جيشًا إلى بلاد الشام أطلق عليه اسم سرية مؤتة وأمّر عليه ثلاثة أمراء هم زيد بن حارثة فإن قتل فجعفر بن أبي طالب فإن قتل فعبد الله بن رواحة، وقد استشهدوا جميعه رضي الله عنهم بعد أن أبدوا شجاعة كبيرة.

وورد ايضا في أُسْد الغابة: عَنْ أسماءَ بنت عميس أنها قالت: لما أصيبَ جَعْفَرُ وأصحابُه دخلَ عليَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد عجنتُ عجيني، وغسلت بنيّ ودهنتهم ونظفتهم، فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:ائتيني ببني جَعْفَر، فأتيته بهم، فشمَّهم ودَمَعَتْ عيناه، فقلت: يا رسولَ الله، بأبي وأمي ما يُبكيك؟ أبَلغَك عَنْ جَعْفَر وأصحابِه شيء؟ قال: نعم، أُصيبوا هذا اليوم، فقمتُ أصيحُ وأجمعُ النساء، ورجعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أهله، فقال: لا تَغفلوا آلَ جَعْفَر فإنهم قد شُغِلوا (وعن هذا ورد في كتب السيرةِ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لا تَغفلوا آلَ جعفر من أن تصنعوا لهم طعاما، فإنّهم قد شُغلوا بأمر صاحبِهم” 

وجاء في ابن إِسْحَاق: عَنْ عائشةَ رضي الله عنها قالت: لما أتى وفاةُ جَعْفَر عرفنا في وجه رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحزنَ (يعني كان الحزنُ واضحًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم)

وروي أيضا أنه لما أتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نعي جَعْفَر، دخل عَلَى امرأته أسماء بنت عميس، فعزاها فيه ودخلت فاطمة وهي تبكى وتقول: وا عماه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَلَى مثل جَعْفَر فلتبك البواكي. ودخله من ذلك هم شديد حتى أتاه جبريل، فأخبره أن اللَّه قد جعل لجعفر جناحين مضرجين بالدم يطير بهما مع الملائكة، وفي رواية عن عبد الله بن جعفر قال: كنت أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمسح على رأسي ورأس أخَوَيّ وعيناه تُهْرِقان بالدموع تقطر على لحيته وهو يقول: “اللهم إن جعفراً قد قدِم إليك إلى أحسن الثواب، فاخلِفه في ذريته بخير ما خلّفت عبدًا من عبادك الصالحين. ثمّ التفت إلى أمّي وقال: يا أسماء ألا ابشّركِ؟ قالت: بلى بأبي أنت وأمي يارسول الله، قال: فإن الله عزّ وجلّ جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة»

لذلك يسمى سيدنا جعفر بـ “جعفر الطيار” وقد أخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبة منه إذ رد السلام، ثم قال: “يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب مع جبريل وميكائيل وإسرافيل سلموا علينا فردي عليهم السلام، وقد أخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا قبل ممره على رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أو أربع، فقال: لقيت المشركين فأصبت في جسدي من مقاديمي ثلاثا وسبعين بين رمية وطعنة وضربة، ثم أخذت اللواء بيدي اليمنى فقُطعت، ثم أخذت بيدي اليسرى فقُطعت، فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل أنزل من الجنة حيث شئت، وآكل من ثمارها ما شئت، فقالت: أسماء هينئًا لجعفر ما رزقه الله من الخير، ولكن أخاف أن لا يصدق الناس فاصعد المنبر أخبر به، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس إن جعفر مع جبريل وميكائيل، له جناحان عوضه الله من يديه سلم علي، ثم أخبرهم كيف كان أمره حيث لقي المشركين، فاستبان للناس بعد اليوم الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جعفر لقيهم، فلذلك سمي الطيار في الجنة”.

ذُكرَ إنّ النبيَّ صلّى اللَّه عليه وسلّم زوّجَ أبا بكر أسماءَ بنت عميس يومَ حُنين، وقد وَلدت له ولدًا اسمه محمد. وأودُ أن أذكرَ هنا قصتين أولُهما أنه لما مرضَ سيدُنا أبو بكر وأحسَّ بأن أجلَه قريبٌ رأى من المناسبِ أن ينتخبَ للمسلمين خليفة، وكان يرى أن سيدَنا عمر هو أجدرُ الناسِ بالخلافة، لكنه مع ذلك استشار َكبارَ الصحابةِ مثلَ عبدِ الرحمن بنِ عوف وسيدِّنا عثمان بن عفّان – رضي الله عنهما – كلاً منهما بمفردِه، فقال كلاهما بأن عمرَ لا يماثلُه أحدٌ في الصحابة، فلما استقرَّ له الرأيُ على عمر، دعا عثمانَ وأملى عليه: “بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما عهدَ أبو بكر بنُ أبي قُحافة إلى المسلمين، أما بعد؛ فإني أستخلفُ عليكم عمرَ بنَ الخطاب ولم آلكم خيرا. ثم أشرفَ على الناسِ وزوجُه أسماءُ بنتُ عميس ممسكَتُهُ، فقال لهم: أترضون بمن أستخلفُ عليكم؟ فإني والله ما أَلَوْت من جهد الرأي، ولا ولّيتُ ذا قرابة، وإني قد وليتُ عليكم عمرَ بنَ الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا. فقالوا: سمعنا وأطعنا.

وبعد وفاة سيدنا أبي بكر تزوجت السيدة أسماء من سيدنا علي وأنجبت منه ولدين عون ويحيى. وقد ورد في الإصابة في تمييز الصحابة

أنه بعد أن تزوّج سيدنا عليّ من أسماء بنت عميس، تفاخر ابناها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال لها عليّ: اقضي بينهما. فقالت: ما رأيت شابّا خيرا من جعفر ولا كهلا خيرا من أبي بكر، فقال لها عليّ: فما أبقيت لنا؟

بعض الأحداث الهامة من حياتها:

قصة حدثت معها أثناء أدائها الحج فقد تشرفت بأن تحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه القصة وردت في ابن جرير: قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذْ تَجَلَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الرَّاحِلَةِ فَلَمْ تُطِقِ الرَّاحِلَةُ مِنْ ثِقَلِ مَا يُمِيلُهَا مِنَ الْقُرْآنِ فَبَرَكَتْ فَأَتَيْتُهُ فَسَجَّيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا كَانَ عَلَيَّ.. يعني أسماء تشرفت مرتين أولا بالحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وثانيا برؤيته وهي يتلقى الوحي القرآني.

وأيضا تشرفت أسماء بتجهيز السيدة عائشة عند زفافها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأدخلتها عليه مع مجموعة من النساء ثم تقول: “فَمَا وجدنا عِنْده إِلَّا قَدَح من لبن فتناوله فَشرب مِنْهُ ثمَّ نَاوَلَهُ عَائِشَة فاستحيتْ مِنْهُ فَقلت: لَا تردي يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخَذته فَشَربته ثمَّ قَالَ: ناولي صواحبك فَقلت: لَا نشتهيه فَقَالَ: لَا تجمعن كذبا وجوعاً

فَقلت: إِن قَالَت إحدانا لشَيْء تشتهيه لَا أشتهي أيعدُّ ذَلِك كذبا؟

فَقَالَ: إِن الْكَذِب يكْتب كذبا حَتَّى الكُذيبة تكْتب كذيبة.

أيضًا ورد عن مُقاتلِ بنِ حيان أنه قال: بلغني أنَّ أسماءَ بنت عُميس لما رجعتْ من الحبشة مع زوجِها جعفرِ بن أبي طالب، دخلتْ على نساء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: هل نزلَ فينا شيءٌ من القرآن؟ (يعني تقصد هل نزل شيء يمدحُ النساء) فقلن: لا، فأتت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ الله، إن النساءَ لفي خيبةٍ وخَسار، فقال: “وممَّ ذلك؟” قالت: لأنهن لا يُذكرنَ بالخير كما يُذكرُ الرجال، فأنزل اللهُ تعالى قوله في سورة الأحزاب: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ

إن أسماء بنت عميس أول من صنع نعش للميت في الإسلام، فعندما دخلت على السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وهي على فراش الموت وجدتها حزينة ولما استفسرت منها عن السبب قالت إني أستقبح ما يُصنع بالنساء يُطرح على المرأة الثوب فيصفها فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة ثم طلبت جرائد رطبة فحنّتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله إذا مُت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلن أحد علي.

وورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان لأسماء بنت عميس عليّ دينار وثلاثة دراهم فكانت تدخل علي فأستحي أن أنظر في وجهها لأني لا أجد ما أقضيها فكنت أدعو “اللهم فارج الهم، كاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، أنت ترحمني، فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك” فما لبثتُ إلا يسيرًا حتى رزقني الله رزقًا ما هو بصدقة تصدق بها علي ولا ميراث ورثته فقضاه الله عني وقسمت في أهلي قسما حسنا وحليت ابنة عبد الرحمن بثلاث أواق ورق وبقي لنا فضل حسن.

روت رضي الله عنها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصل ما روته إلى 60 حديثا ومما روت أن رسول الله قال لها “ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرْب، أو في الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئًا”

بقيت أسماء مع سيدنا علي رضي الله عنهما حتى استشهاده، ولم تتزوج بعد ذلك، ويقال أنها توفيت في عام 38 للهجرة.

الصحابية النوّار بنتُ مالك

منقول من مجلة زاد المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الصحابية النوّار بنتُ مالك بن صِرْمَة وهي أنصارية من بني النجار، تزوجت أولا ثابتَ بن الضحاك الذي توفي في الجاهلية يوم بُعاث، وقد ولدت له زيدًا ويزيد، ثم تزوجت بعمارة بن حزم فولدت له مالك، وعمارة بن حزم رضي الله عنه أنصاري أيضا وكان من السبعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة. وهي والدة الصحابي الجليل زيد بن ثابت كاتب الوحي والمشرف على جمع القرآن وشيخ المقرئين ومفتي المدينة والذي هو من رواة الحديث أيضًا وكذلك قرأ على النبيﷺ القرآن مرتين في العام الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم. وهو من قال عنه رسول الله “أفرض أمتي زيد بن ثابت” أي أعلمهم بالفروض.

ووالدته النوّار رضي الله عنها كانت أيضًا تحفظ القرآن الكريم وورد أنها كانت تلقنها لابنها زيد الذي أسلم طفلا صغيرا عندما قدم النبي إلى المدينة -يعني أسلم مع إسلام أمه فورًا- وكانت تحفظ الأحاديث النبوية الشريفة، وقد روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث، وكذلك روت عن أمهات المؤمنين، وروت عنها أم سعد بن زرارة.

تجدر الإشارة إلى أنها قالت: رَأَيْتُ عَلَى الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ أَلِدَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَأَنَا بِهِ حَامِلٌ مَطَارِفَ خَزٍّ خُضْرًا وَصُفْرًا وَكِرَارًا وَأَكْسِيَةً مِنْ نَسْجِ الأَعْرَابِ وَشِقَاقًا مِنْ شَعْرٍ.

يعني يبدو وكأن الله بشرها أن وليدها هذا سيكون له شأن عظيم مرتبط بالكعبة وهكذا قد أسلم رضي الله عنه وهو طفل كما ذكرنا وكان له بالفعل شأن عظيم في الإسلام وفي حفظ القرآن الكريم.

وكان للنوار رضي الله فضيلة أخرى وهي أن بيتها كان أول مئذنة في الإسلام بمعنى أول مكان يرفع منه الأذان مناديًا للصلاة فقد كان بيتها أطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه واستمر في ذلك إلى أن بنى رسول الله ﷺ مسجده، فصار سيدنا بلال يؤذن بعد ذلك على ظهر المسجد…

ورد في الطبقات الكبرى أن زيد بن ثابت قال: أولُ هديةٍ دخلتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقام في منزل أبي أيوب هديةٌ دخلتُ بها إناءٌ قصعةٌ مثرودةٌ فيها خبز وسمن ولبن، فقلت: أَرْسَلَت بهذه القصعة أمي فقال: بارك الله فيك، ودعا أصحابه فأكلوا.. يعني تشرفت النوار رضي الله عنها بأن تكون أول هدية أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نزل ضيفًا على أبي أيوب الأنصاري هي قصعتها فتشرفت بهذا الشرف أيضا 

وكما كانت النوار مكرّمة عند النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته بقيت مكرمة عند الخلفاء الراشدين من بعده وقد توفيت في حياة ابنها زيد وهو من صلى عليها الجنازة.

الصحابية خولة بنت ثعلبة

منقول من مجلة زاد المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدة خولة أو خويلة متزوجة من الصحابي أوس بن الصامت

وكانت عادة الظِّهار ساريةً في العرب آنذاك، والظهار هو أن يقولَ الرجل لامرأته ساعةَ الغضب: “أنتِ عليَّ كظهر أمي” يعني أنت الآن بمثابة أمي، وبالتالي تتوقف العلاقة الزوجية بينهما، ولا يمكن للمرأة في هذه الحالة المطالبة بالطلاق حتى تستطيع الزواج بآخر، ولا يمكنها التمتع بالحقوق الزوجية، وبالتالي تظل معلقة.

فالذي حدث بعد أن ظاهرها زوجها جاءت السيدة خولة إلى رسول الله ﷺ تشكو إليه، وكان رسول الله ﷺ يجادلها فيه ويقول: “اتقي الله فإنه ابن عمك”، أي كان يقول كيف تكونين أمّه وهو ابن عمك وأنت متزوجة به؟! على أية حال تقول خويلة بنت مالك أنها أصرّت على شكواها حتى نزلت الآية: ]قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها[… ثم نزلت الآيات التي تفصل كفارة الظهار حيث يقول الله تعالى: ]الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ[ (المجادلة 3-6)

وهنا قال لها رسول الله ﷺ أن على زوجها: يعتق رقبة، فقالت: لا يجد، فهو شخص فقير. فقال: فليصم شهرين متتابعين فقالت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به من صيام! فقال: فليطعم ستين مسكينًا، فردت: ما عنده من شيء يتصدق به! فأعطاها رسول الله من عنده ِفَرْقًا من تمر، فقالت: وأنا سأعينه بآخر يا رسول الله. (أي يمكنني أن أدبر له آخر مثله) فقال: “أحسنتِ! اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا وارجعي إلى ابن عمك”. (أي إذهبي عند زوجك فإنك زوجته ولم تصبحي أمّه لمجرد قوله المذكور)

يقول المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) في ترجمة معاني هذه الآية: إن الذين يظاهرون من زوجاتهم لا تصبحن أمهاتِهم إذ ليست أمهاتُهم إلا اللواتي ولدنهم، غير أن قولهم هذا قول سخف ومحض كذب، والله عفوُّ غفور. والذي يظاهر من زوجته ثم يتراجع عما قال يجب أن يحرر رقبةً قبل أن يمس زوجته. هذا ما يعظكم به الله الخبير. وإن لم يستطع فليصم شهرين قبل أن يمسها، وإن لم يستطع الصوم أيضا فليطعم ستين مسكينا.

ويقول سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز في خطبة الجمعة 08-02-2019:

“في سياق بيان سيرة الصحابة تتبين بعض المسائل والأحكام أيضا.

قال ابن عباس: أول ظهار كان في الإسلام أوس بن الصامت، وكان تحته بنت عم له، فظاهر منها.

هذه حدود الله التي أقامها. وقد طُرح السؤال نفسه على المسيح الموعود u فقال مشيرا إلى الكفارة المذكورة أن هذه هي عقوبة الظهار. ثم طُرح السؤال نفسه على الخليفة الثاني t فأعطى الجواب نفسه. أما إذا كان أحد فقيرا فقرا مدقعا لا يقدر على شيء فليستغفر الله وليكفّر بحسب استطاعته. 

باختصار، لقد وضع الله تعالى بعض الحدود، منها أنه إذا قال أحد لزوجته أنها مُحَرَّمة عليه كأمّه أو أخته فلا تصبح كذلك. إذ من عادة بعض الناس أنهم يحرمون زوجاتهم على أنفسهم لأتفه الأمور ويقسمون أيضا أنهن محرمات عليهم كفلانة وفلانة. ومن فعل ذلك سيعاقَب بحسب الحدود المذكورة أي فليحرر رقبة أو يَصُمْ شهرين أو يطعمْ ستين مسكينا.”

قصة لها مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

فقد روي أنه رضي الله عنه خرج ومعه مجموعة من الناس، فمر بعجوز، فجعل يحدثها وتحدثه (يعني طال الأمر) فقال رجل: يا أمير المؤمنين، حبستَ الناس على هذه العجوز؟ ! فرد سيدنا عمر: ويلك! تدري من هذه؟ هذه امرأة سمع الله عَزَّ وَجَلَّ شكواها من فوق سبع سموات، هذه خولة بنت ثعلبة التي أنزل الله فيها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} .

والله لو أنها وقفت إلي الليل ما فارقتها إلا للصلاة، ثم أرجع… يعني طالما أن الله بنفسه قد سمع لها كيف أنا لا أسمع لها حتى لو بقيت تحدثني حتى الليل لن أتركها أو أقاطعها إلا للصلاة.

سبحان الله هذا هو الخوف من الله تعالى.

الصحابية خنساء بنت عمرو

منقول من مجلة زاد المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

هي خنساء بنت عمرو بن الشريد وقد قدِمتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم فأسلمت معهم، وكما ذكرتِ كانت شاعرة فذة من أيام الجاهلية واستمرت بإلقاء الشعر في الإسلام حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه شعرها، وكانت تقول الشعر أمامه فكان يقول: «هيه يا خناس» ويومىء بيده.

وكانت الخنساء في أول أمرها تقول البيتين والثلاثة حتى قتل أخوها لأبيها وأمها معاوية بن عمرو وصخر أخوها لأبيها وكان أحبهما إليها لأنه كان حليمًا جوادًا محبوبًا وبعد مقتلهما أكثرت من الشعر وأجادت

وهناك قصيدة شهيرة فيما قالته في أخيها صخر:

أعينيّ جودا ولا تَجْمُدا ** ألا تبكيان لصخرِ الندى

ألا تبكيان الجريءَ الجميل ** ألا تبكيان الفتى السيّدا

طويلَ العماد عظيم الرما ** د ساد عشيرَته أمردا

وقيل أن أهل الشعر قالوا لم تكن امرأةٌ قط قبلها ولا بعدها أشعر منها.

حضرت الخنساء حرب القادسية في العراق مع أبنائها الأربعة وذلك زمن سيدنا عمر رضي الله عنه في السنة الرابعة عشر للهجرة. كان جيش المسلمين بقيادة سعد بن أبي وقاص وكانت الخنساء من النسوة اللواتي اشتركن في المعركة فكن يطعمن ويسقين الجيش ويداوين الجرجى، واشترك معها في هذه المعركة أربعة من أبنائها فكانت تحثهم على القتال وعدم الفرار لأن الجيشين الإسلامي والفارسي لم يكونا متكافئين، فقد كان عدد الفرس أكبر بكثير كما استخدموا عددًا كبيرًا من الفيلة فكان اليوم الأول شديدا جدًا على المسلمين، وهكذا تولت الخنساء مهمة حث أبنائها على الثبات مهما كلف الأمر فإما النصر أو الشهادة.

ومن ذلك أنها قالت لهم “إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وإنكم لأبناء أبٍ واحد وأم واحدة، ما هجنت آباءكم، ولا فضحت أخوالكم، وإنكم لتعلمون ما أعد الله من ثواب .. اعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، ثم قرأت قول الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تُفلحون”

وفي اليوم الرابع من المعركة لما أصبح أبناء الخنساء باشروا القتال واحدا بعد واحد حتى قتلوا، وكل واحد منهم كان أنشد قبل أن يستشهد أبياتا من الشعر، فأنشد الأول:

يا إخوتي إنّ العجوز النّاصحه … قد نصحتنا إذ دعتنا البارحه

بمقالة ذاتَ بيان واضحه … وإنّما تلقون عند الصّائحه

من آل ساسان كلابا نابحة

وأنشد الثاني:

إنّ العجوزَ ذاتُ حزمٍ وجلد … قد أَمَرتْنا بالسدادِ والرّشد

نصيحةً منها وبِرّا بالولد … فباكروا الحربَ حُماةً في العدد

وأنشد الثالث:

واللَّهِ لا نعصي العجوزَ حَرْفًا … نُصحا وبِرّا صادقا ولُطفا

فبادروا الحربَ الضّروسَ زحفا … حتّى تَلُفُّوا آل كسرى لفّا

وأنشد الرابع:

لستُ لخنساءَ ولا للأَخْرَمِ … ولا لعمرٍو ذي السَّناءِ الأقدم

إنْ لم أُرَدْ في الجيشِ جيش ِالأعجم … ماضٍ على الهولِ خِضِمٍّ حضرمي

وقد بلغها هذا الخبر وما قالوه قبل استشهادهم، فقالت: الحمد للَّه الّذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقرّ رحمته.

وكان سيدنا عمر بن الخطاب يعطي الخنساءَ أرزاقَ أولادها الأربعة حتى توفاه الله.

قصة لها مع السيدة عائشة رضي الله عنها:

يقال إنها دخلت على عائشة رضي الله عنها وعليها صِدَارٌ من شعر، فقالت لها: يا خنساءُ، هذا قد نهى رسولُ اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عنه، فقالت: لم أعلمْ بهذا، ولكن لهذا الصدار قصة، زوّجني أبي رجلا مُبذّرا فأذهب ماله، فأتيت إلى صخر (يعني أخوها) فقسم ماله شطرين، فأعطاني أفضل شطر، ثم فعل زوجي ذلك مرة أخرى (يعني عاد لتبذير الأموال مرة أخرى)، فقسم أخي ماله شطرين فأعطاني خيرهما، فقالت له امرأته: أما ترضى أن تعطيها النصف حتى تعطيها الخِيار (يعني لا يكفي أنك أعطيتها النصف وتعطيها أفضله أيضا) فقال:

واللَّهِ لا أمنحُها شِرارَها … وهي الّتي أرْحَضُ عني عارها

ولو هلكتُ خرَّقَتْ خِمارها … واتّخذت من شَعَرٍ صِدَارَها

الصحابية خَنْسَاء بنتُ خِدَام بن خالد

منقول من مجلة زاد المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

هي خَنْسَاء بنتُ خِدَام بن خالد رضي الله عنها وهي من الصحابيات الأنصاريات وبالتحديد من قبيلة أوس، وقد أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روت عنه بعض الأحاديث.

ترملت من زوجها، فزوّجها أبوها، فأتت النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أبي تَفَوّتَ عليّ فزوجني ولم يشعرني. فقال: “لَا نِكَاحَ لَهُ، انْكَحِي مَنْ شِئْتِ”.

وفي رواية أن زوجها كان الصحابي أَنيس بن قتادة الأنصاري، الذي استشهد يوم أحد فزوجها أبوها رجلًا، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، إن عم ولدي أحبُّ إليَّ، فجعل رسول الله أمرها إليها.

هل يُفهم من ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبطل تزويج أبوها لها بالإكراه لأنها كانت ثيب قد تزوجت سابقًا؟ ولو كانت بكرًا فما كان من ذلك بأس ….؟

في الحقيقة قد اختلفت الأحاديثُ في حالها ففي ما نقلَه مالكٌ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومُجمِّع ابن يزيد وهذا واردٌ في موطأِ مالك وسنن أبي داوود أن خنساءَ كانت ثيبًا ولكنّ ابنَ المبارك عن الثوري عن عبد الرحمن ابن القاسم عن عبد الله بن يزيد بن وديعة عن خنساء بنت خِدام أنها كانت يومئذ بكرًا.

على أية حال اختلافُ الروايات في كونها كانت ثيب أو بكر ليس بالدليل الكافي على أنه لا يجوز في الإسلام تزويج الفتيات سواء كن متزوجات في السابق أو أبكارا بالإكراه، بل الأدلة على ذلك نستقيها من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن ذلك ما ورد في سنن أبي داوود عن ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ جَارِيَةً، بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم “

وكذلك بيّن الرسولُ (صلى الله عليه وسلم) كيفيةَ استئذانِ الثيبِ وكيفية استئذان البكر وأن استئذانهما لا بد منه ومن ذلك ما ورد في صحيح مسلم عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ ‏- رضى الله عنه ‏- أَنَّ اَلنَّبِيَّ ‏- صلى الله عليه وسلم ‏-قَالَ {اَلثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا}.

الصحابية الجليلة أُم كُلْثُوم بنتُ عُقْبَة بن أبي مُعَيط

منقول من مجلة زاد المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الصحابية الجليلة أُم كُلْثُوم بنتُ عُقْبَة بن أبي مُعَيط القُرَشية الأموية وهي أخت سيدنا عثمان بن عفان لأمه وابنة أحد قادة المشركين، عقبة بن أبي معيط، الذي لقي حتفه في بدر.، ولم يكن لأمّ كلثوم بمكّة زوج، ويقال إنها مشت على قدميها من مكّة إلى المدينة، فلما قدمت المدينة تزوَّجها زيد بن حارثة فقُتِل عنها يوم مؤتة، فتزوّجها الزّبير بن العوّام، فولدت له زينب، ثم طلقّها فتزوّجها عبد الرّحمن بن عوف، فولدت له إبراهيم وحميدًا، ومنهم من يقول‏:‏ إنها ولدت لعبد الرّحمن: إبراهيم، وحميدًا، ومحمدًا، وإسماعيل، ومات عنها فتزوَّجها عمرو بن العاص، فمكثت عنده شهرًا، وماتت‏..

لقد أسلمت أم كلثوم بمكة وبايعت قبل الهجرة. وهي أول من هاجر من النساء بعد أن هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى المدينة. ويقول ابن سعد: لم نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلى الله ورسوله إلا أم كلثوم بنت عقبة. خرجت من مكة وحدها وصاحبت رجلًا من خزاعة حتى قدمت المدينة في الهدنة هدنة الحديبية.

وكما نعلم من شروط صلح الحديبية أن يرد الرسول ﷺ من يأتي إليه من قريش ولكن إذا جاء أحد من المسلمين إلى قريش فلا يردوه وبالفعل في حالة السيدة أم كلثوم قد خرج في إثرها أخواها الوليد وعمارة ابنا عقبة لاسترجاعها

ولما وصل أخوا أم كلثوم إلى المدينة قالا لرسول اللهﷺ: يا محمد فِ لنا بشرطنا وما عاهدتنا عليه. وهنا قالت أم كلثوم: يا رسول الله أنا امرأة وحال النساء إلى الضعفاء ما قد علمت. فتردني إلى الكفار يفتنوني في ديني ولا صبر لي؟ فبين الله تعالى أن الشرط في صلح الحديبية ليس في النساء وأنزل فيهن المحنة حيث قال تعالى في سورة الممتحنة: «فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ». فامتحنها رسول الله وامتحن النساء بعدها وقال: والله ما أَخرَجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام وما خرجتن لزوجٍ ولا مال. فإذا قلن ذلك تُرِكن ولم يُعَدنَ إلى أهاليهن.

وهذا لا يعني أن رسول اللهﷺ قد نقض المعاهدة والعياذ بالله بل كان يرد كل من أتاه من قريش ما عدا النساء فقد كان يمتحنهن فإن كن فعلا ثابتات على الإيمان أبقاهن

وشرط المعاهدة الخاص بهذا الأمر.. وهو وارد في البخاري الذي هو أصح الكتب يقول الشرط: “لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا‏.‏”

وقد تم الاعتماد على لغة المعاهدة “لا يأتيك منا رجل” ولا مبرر لأهل قريش للاعتراض أساسًا خصوصا أن سهيل بن عمرو، مبعوث قريش في الحديبية، قد دقق كل كلمة من كلمات المعاهدة قبل الموافقة عليها. بل في الواقع، فإن أحكام المعاهدة قد صيغت بالصيغة التي اقترحها سهيل.. ومن الواضح أن هذا الشرط من المعاهدة يقتصر على وجه التحديد على الرجال.

روت عن الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة أحاديث وروى عنها ولداها أيضا وهي من سألها سيدنا عُمَرَ:

أَقَالَ لَكِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (انْكِحِيْ سَيِّدَ المُسْلِمِيْنَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ؟) قَالَتْ: نَعْم. وهي كما رأينا قد تزوجت أربعة من كبار الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

الصحابية أم حرام بنت ملحان

منقول من مجلة زاد المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

أم حرام بنت ملحان وهي أخت أم سليم وبالتالي هي خالة سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين.. أم حرام بنت ملحان تعرف بشهيدة البحر أو راكبة البحر وهي زوجة الصحابي عبادة بن الصامت رضي الله عنهما.

لقد ورد عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ كان يأتي بيتَ أمِّ حرام بنت ملحان زوجة عبادة بن الصامت فتطعمه. فدخل عليها فأطعمته وجلست تفلي رأسه، فنام ثم استيقظ وهو يضحك. فقالت ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: “عُرض علي أناس من أمتي يركبون ظهر البحر الأخضر كالملوك على الأسرة”، قالت: فقلت: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم. ثم نام فاستيقظ وهو يضحك فقلت: يا رسول الله ما يضحكك؟ فقال: “عرض علي ناس من أمتي- غزاة في سبيل الله- يركبون ظهر البحر كالملوك على الأسرة”. قالت: فادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم نام ثانية ففعل مثلها، فقالت مثل قولها، وجاوبها مثل جوابه الأول. قالت: فادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين. وبالفعل خرجتْ أم حرام غازيةً مع معاوية بن أبي سفيان، فلما جازتِ البحر ركبت دابة فصرعتْها فقُتْلت. وقد نالت مرتبة الشهادة في أرض الروم زمن سيدنا عثمان. وكانت شهادتها وفق هذه الرؤيا التي رآها النبيﷺ

هذه القصة مهمة من ناحيتين الأولى رأينا كيف أن ما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحقق واستجيب دعاؤه في حق أم حرام والأمر الآخر هو أن النبي كان يزور أم حرام؟ كيف؟ هل كانت محرمة عليه؟

ورد أن أمّ حرام كانت ابنة ملحان بن خالد ومن بني النجار، وخالة أنس، وأمُّه أخت أمّ سليم. وإن أمّ حرام وأمّ سليم كانت خالتا النبي ﷺ من الرضاعة أو من النسب.

وقال الإمام النووي: اتفق العلماء على أنها – يعني أم حرام – كانت محرمة له ﷺ واختلفوا في كيفية ذلك. ولكن الجميع متفقون على كونها محرمة له ﷺ، فقالوا إنها كانت محرمة إما من الرضاعة أو من النسب.

استشهدت زمن سيدنا عثمان وقد ورد في عُمدة القاري، شرح صحيح البخاري وإرشاد الساري، أن أمّ حرام ماتت في عام 27 أو 28 من الهجرة. وعند البعض ماتت في عهد معاوية. ولكن القول الأول أَولى وقد ذكره أصحاب السِّيَر وقالوا إن هذه الحرب البحرية التي اشتركت فيها أمّ حرام كانت في عهد عثمان. وعند ابن أثير هذه الغزوة هي غزوة قبرص، فالمراد من زمن معاوية ليس عهد حكومته بل المراد هو الوقت الذي قام فيه معاوية بحرب بحرية ضد الروم، واشتركت فيها أمّ حرام مع زوجها عبادة بن الصامت. وذلك في عهد عثمان.

ويقال بأن مسجد لارنكا الكبير في قبرص هو مكان استشهادها ومكان دفنها فقد ورد في حلية الأولياء ” قَبْرُ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ بِقُبْرُصَ وَهُمْ يَقُولُونَ: هَذَا قَبْرُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ “

لقد كانت أم حرام متزوجة قبل سيدنا عبادة فهي أم الشهيد قيس بن عمرو بن قيس وزوجة الشهيد عمرو بن قيس وقد شهد ابنها بدرًا، وشهد مع أبيه أحدًا واستشهدا فيها رضي الله عنهما، وأخويها هما: حرام بن ملحان وهو الذي بعثه رسول الله مع سبعين رجلا إلى بني عامر وقد طعنه أحدهم هناك فصاح “الله أكبر! فزتُ ورب الكعبة” وسُليم بن ملحان الذي استشهد يوم بئر المعونة.

وهي من المجاهدات فقبل غزوة قبرص كانت قد شاركت في أحد وحنين والخندق والفتح والطائف وقد روت الأحاديث وروى عنها زوجها أيضا. واشتُهرت بالشجاعة والعلم، والفقه، ورجاحة العقل.