منقول من مجلة زاد المسلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الصحابية النوّار بنتُ مالك بن صِرْمَة وهي أنصارية من بني النجار، تزوجت أولا ثابتَ بن الضحاك الذي توفي في الجاهلية يوم بُعاث، وقد ولدت له زيدًا ويزيد، ثم تزوجت بعمارة بن حزم فولدت له مالك، وعمارة بن حزم رضي الله عنه أنصاري أيضا وكان من السبعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة. وهي والدة الصحابي الجليل زيد بن ثابت كاتب الوحي والمشرف على جمع القرآن وشيخ المقرئين ومفتي المدينة والذي هو من رواة الحديث أيضًا وكذلك قرأ على النبيﷺ القرآن مرتين في العام الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم. وهو من قال عنه رسول الله “أفرض أمتي زيد بن ثابت” أي أعلمهم بالفروض.
ووالدته النوّار رضي الله عنها كانت أيضًا تحفظ القرآن الكريم وورد أنها كانت تلقنها لابنها زيد الذي أسلم طفلا صغيرا عندما قدم النبي إلى المدينة -يعني أسلم مع إسلام أمه فورًا- وكانت تحفظ الأحاديث النبوية الشريفة، وقد روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث، وكذلك روت عن أمهات المؤمنين، وروت عنها أم سعد بن زرارة.
تجدر الإشارة إلى أنها قالت: رَأَيْتُ عَلَى الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ أَلِدَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَأَنَا بِهِ حَامِلٌ مَطَارِفَ خَزٍّ خُضْرًا وَصُفْرًا وَكِرَارًا وَأَكْسِيَةً مِنْ نَسْجِ الأَعْرَابِ وَشِقَاقًا مِنْ شَعْرٍ.
يعني يبدو وكأن الله بشرها أن وليدها هذا سيكون له شأن عظيم مرتبط بالكعبة وهكذا قد أسلم رضي الله عنه وهو طفل كما ذكرنا وكان له بالفعل شأن عظيم في الإسلام وفي حفظ القرآن الكريم.
وكان للنوار رضي الله فضيلة أخرى وهي أن بيتها كان أول مئذنة في الإسلام بمعنى أول مكان يرفع منه الأذان مناديًا للصلاة فقد كان بيتها أطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه واستمر في ذلك إلى أن بنى رسول الله ﷺ مسجده، فصار سيدنا بلال يؤذن بعد ذلك على ظهر المسجد…
ورد في الطبقات الكبرى أن زيد بن ثابت قال: أولُ هديةٍ دخلتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقام في منزل أبي أيوب هديةٌ دخلتُ بها إناءٌ قصعةٌ مثرودةٌ فيها خبز وسمن ولبن، فقلت: أَرْسَلَت بهذه القصعة أمي فقال: بارك الله فيك، ودعا أصحابه فأكلوا.. يعني تشرفت النوار رضي الله عنها بأن تكون أول هدية أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نزل ضيفًا على أبي أيوب الأنصاري هي قصعتها فتشرفت بهذا الشرف أيضا
وكما كانت النوار مكرّمة عند النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته بقيت مكرمة عند الخلفاء الراشدين من بعده وقد توفيت في حياة ابنها زيد وهو من صلى عليها الجنازة.