

أيها الناس.. قد جاءت علامات آخر الزمان فلِمَ في مجيء المسيح تشكّون؟ تعالوا أتل عليكم بعضها لعلكم ترشدون.
فمنها أن نار الفتن والضلالات قد حشرت الناس من المشرق إلى المغرب. وأتى إبليس من بين أيدي الناس، ومن خلفهم وعن شمائلهم.
واعلموا أن المراد من نار الفتن التي جاءت من المغرب، وأحرقت أثواب التقوى، فتارة توعدت السفهاء من لهبها، وأخرى زينت في أعينهم نورها، وراودتهم عن أنفسهم، فهم بها مفتونون.
لقد جئتكم بالحكمة والبصيرة من ربي، ولأبين لهم بعض الذي كانوا فيه يختلفون، وفرقوا الإسلام وجعلوا أهله شيعا، وبعضهم على بعض يصولون ويكفرون.
ومن علامات آخر الزمان التي أخبر الله تعالى منها في القرآن واقعات نادرة تشاهدونها في هذا الزمان وتجدون. وقد بيّن لنا علاماته وقال: إذا الجبال سيِّرت، وإذا البحار فجِّرت، وإذا العشار عطلت، وإذا النفوس زوجت، وإذا الصحف نشرت. إذا زلزلت الأرض… الآية، وإذا الأرض مُدت، وألقت ما فيها وتخلت، وإذا الكواكب انتثرت، وإذا الوحوش حُشرت. وفي كل أنباء آخر الزمان لقوم يتفكرون.
أما تسيير الجبال فقد رأيتم بأعينكم كيف سُيرت وأزيلت من مواضعها وخيامها هُدمت.
وأما تفجير البحار فقد رأيتم أن الله بعث قوما فجروا البحار وأجرَوا الأنهار.
وأما تعطيل العشار فهو إشارة إلى وابور البر الذي عطل العشار والقلاص فلا يُسعى عليها، والخلق على الوابور يركبون.
وأما تزويج النفوس فهو على أنحاء.. منها إشارة إلى التلغراف الذي يُمِد الناس في كل ساعة العسرة، ويأتي بأخبار أعزّة كانوا بأقصى الأرض. ومنها إشارة إلى أمن طرق البحر والبر ورفع الحرج، فيسير الناس من بلاد إلى بلاد ولا يخافون.
ومن أسباب هذا التزويج سير الناس في وابور البر والبحر، فهم في تلك الأسفار يتعارفون.
وأما نشر الصحف فهو إشارة إلى وسائلها التي هي المطابع، كما ترى أن الله بعث قوما أوجدوا آلات الطبع.
وأما زلزلة الأرض وإلقاؤها ما فيها فهي إشارة إلى انقلاب عظيم ترونه بأعينكم، وإيماء إلى ظهور علوم الأرض وبدائعها وصنائعها.
وأما انتثار الكواكب فهو إشارة إلى فتن العلماء وذهاب المتقين منهم، كما ترون أن آثار العلم قد امتَحت وعفَت.
وأما حشر الوحوش فهو إشارة إلى كثرة الجاهلين الفاسقين، وذهاب الديانة والتقوى.
أيها الناس.. انظروا إلى آلاء الله.. كيف جدد زمنكم، وأبدع هيئة دهركم، وأترع فيه عجائب ما رأتها أعين آبائكم ولا أجدادكم، وأنتم بها تُترفون.
فانظروا وتفكروا.. إن الله ربكم الرب الكريم الذي أعطاكم من كل نوادر الأرض وأملأ بيوتكم منها، فكيف تعجبون من نزول نوادر السماء وتستبعدون؟
أيها الناس.. ما جئت بأمر منكر، وقد شهد الله على صدقي، ورأيتم بعض آياتي، ووجدتم ذكر زمني في كتاب الله الذي به تؤمنون.
فالآية الأولى من آيات صدقي أني أرسلت في وقت هذه الفتن التي قد أشار كتاب الله إليها. فأنزلني ربي من السماء كما أخرج الفتن من الأرض، وتكلم في استعارات وأيدني كما أُيّد الصادقون.
ومن آيات صدقي أنه تعالى وفقني باتباع رسوله واقتداء نبيه ص.
ومن آيات صدقي أنه أظهرني على كثير من أمور الغيب، وهو لا يظهر على غيبه أحدا إلا الذين هم يرسلون.
ومن آيات صدقي أنه يجيب دعواتي، ويتولى حاجاتي، ويبارك في أفعالي وكلماتي.
ومن آيات صدقي أنه أعطاني علم القرآن، وأخبرني من دقائق الفرقان، الذي لا يمسه إلا المطهرون.
ومن آيات صدقي أنه أدبني فأحسن تأديبي، وجعل مشربي الصبر والرضاء والموافقة لربي والاتباع لرسولي.
يا مشايخ العرب وأصفياء الحرمين.. هذه هي الأخبار والمواعظ التي عرضتها على علماء الهند، ونبهتهم فلم ينتبهوا، و عظت لم يتعظوا.
وقد أنبأني ربي أني كسفينة نوح للخلق، فمن أتاني ودخل في البيعة فقد نجا من الضيعة، فطوبى لقوم هم ينجون.
