منقول من مجلة زاد المسلمة

 بسم الله الرحمن الرحيم

اسمي سحر محمود عبد الجليل أسكن في فلسطين الحبيبة ولي خمسة أولاد وقد بايعت سنة 2008م.
كانت البداية في حرب الخليج، أثناء قيامي بصلاة التهجد فكنت أدعو الله تعالى وأقول: أنت يا إلهي من قلت إن الفئة القليلة تغلب الفئة الكبيرة، فقد كنت أرى صدام حسين يحسن معاملة الفلسطينيين ويريد تحرير الأراضي المقدسة من اليهود فلذلك يجب أن ينتصر العراقيون حسب وعد الله تعالى.

كنت قد رأيت في الرؤيا بأن هناك طريق وتحت هذه الطريق نار، وهذه الطريق فيها أخواتي المعارضات للأحمدية، وأمي في منتصف الطريق وأنا أشد أمي وأختي سماح تشدني إليها (هي مبايعة ولله الحمد) وأختي أمل (وهي مبايعة والحمد الله) فاتحة باب الجنة. وكانت أختي سماح تشدني باتجاه أختي أمل، وكانت سماح تقول لي هيا تعالي ولكني كنت أريد أن يأتي بقية أهلي معي، وبعد ذلك رأيت بأني ذهبت مع أمل وسماح وباقي أهلي وقعوا في النار والعياذ بالله. وكنت أستغرب من هذه الرؤيا كثيرا ولم أفصح بها لأحد وكنت أخجل أن أتكلم بها، فهذه أمي!(الملتزمة والتي عودتنا على الصلاة وحفظ القرآن والأخلاق الحميدة) كيف يكون مصيرها هكذا؟ والعياذ بالله. وكنت كلما دعوت الله تعالى كان يريني هذه الرؤيا فبقيت بذاكرتي ولكن مع مرور الوقت لم أعد أهتم بها.

كانت هذه الأحداث ونحن في السعودية إذ عشت هناك كل طفولتي، ثم في سن الشباب عدنا إلى الوطن الأم فلسطين وكانت الظروف آنذاك جيدة نوعا ما (عام 1996) وكنت أحمد الله تعالى على الاستقرار وكنت أرى أفضال ونِعم الله عليّ إذ دخلت الجامعة وتزوجت وأنجبت، وكانت حياتي مليئة بإنعامات الله ولله الحمد، وكنت أحمد الله الذي أنعم عليّ بكل هذا مع تقصيري، فقد كنت أحيانا أترك الصلاة ولكن الله تعالى لم يعاملني إلا بالرحمة وكنت مقتنعة بأن ديننا هو الدين الصحيح والذي طالما أردته.

لقد تعرفت على الجماعة الإسلامية الأحمدية عندما أُخبرت من قِبل أختي أمل (لم تكن قد بايعت بعد) بأن أختنا سماح تؤمن بنبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استغربت واستهجنت هذا الفعل وسألت أمي عن صحة الخبر فقالت: نعم، لم نخبرك عن هذا الأمر لأنها جنت.

قلت لأختي سماح كيف آمنتِ وصدقت بأن نبيًا سيأتي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالت لي: سأشارك اليوم في برنامج اسمه الحوار المباشر تابعيه واحكمي بنفسك.
فشاهدت الحلقة، وأكثر ما شدني هو الفاصل الذي كان في الحلقة إذ تحدث عن المسيح الدجال، وكان هذا الموضوع يشغل بالي وكنت أتساءل دومًا كيف يعطي الله تعالى أحدًا صفاتًا كصفاته ويطلب مني أن أميزه! فعندما رأيت تفسير االجماعة الإسلامية الأحمدية لهذه الأحاديث قلت بنفسي أنا مع هذا التفسير! سواء كانوا على الحق أم لا! أنا سآخذ هذا التفسير الذي يُريح العقل والنفس.

ما أذكره أنني كنت وأختي أمل نحاول أن نكون مخلصات لله تعالى ولكننا دائما ما كنا نتعثر. عندما تزوجنا درسنا نفس التخصص في الجامعة ولهذا كنا نلتقي كثيرا، فكانت أختي دائما تتحدث معي عن الجماعة الإسلامية الأحمدية وتقول لي انظري ماذا تقول سماح!! وانظري ما تفسير الأحمدية لهذا الأمر و..و…رغم أنها لم تكن مبايعة بعد. كنت أستمع لما تقول ولم أكن أعلق ولكني بيني وبين نفسي كنت معجبة بتفسيراتهم وكنت أرى كم أختي أمل مهتمة في الموضوع وكنت أستغرب من اهتمامها الكبير إذ لم تكن مبايعة بعد فلماذا تتكلم في الموضوع إذن؟!. كانت العقبة التي أمامي أنني رغم إعجابي بكل طرحهم إلا أنني لم أكن أتقبل وجود نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. سألت أختي سماح ذات يوم هل يمكن أن أبايع دون أن أؤمن أن ميرزا غلام أحمد عليه السلام نبي؟ فقد آمنت بفكركم لكني لا أريد أن أؤمن به نبيًا. فقالت لي: بالطبع لا يصح ذلك وهذا لا يُعتبر إيمان. وقالت لي: كنت مستصعبة الموضوع مثلك (موضوع أنه نبي) ولكن قلبك سيقبل بأنه نبي. فاستغربت من هذا اليقين.
وذات مرة، قابلت أمير الجماعة محمد شريف عودة وقلت له: كيف لي أن أتأكد من أن ميرزا غلام أحمد عليه السلام نبي من عند الله؟ قال لي: يجب أن تدعي الله تعالى
فقلت: نعم، حقا ولمَ لا أدعو رب العزة؟.

وسنحت لي الفرصة أن أقوم بأداء العمرة وأزور بيت الله الحرام، وكنت أعلم أن أول دعوة عند رؤيتي للكعبة المشرفة ستكون مستجابة فدعوت الله تعالى أن يريني إن كانت هذه الجماعة على حق أم لا؟ وهل ميرزا غلام أحمد نبي أم لا؟

كانت الأيام التي زرت بها بيت الله الحرام ثلاثة أيام فقط وخلال هذه الأيام كان دعائي الوحيد: يا رب إذا كان طريق الأحمدية هو الطريق الصحيح فاهدني إليه وسهل طريقي للبيعة، وعندما غادرت بلاد الحرمين وعدت إلى وطني، وبعد ثلاث أيام فقط ذهبت عند أختي سماح وأخبرتها بأني أريد أن أبايع. فقالت لي: لماذا؟ هل علمت أن أختي أمل بايعت؟ قلت لها هل بايعت حقًا؟ فقالت نعم قبل أسبوع. ثم قالت لي: حسنًا سأعطيك ورقة البيعة بكل هدوء. وقلت في نفسي لما لم تعمل ضجة لبيعتي؟ وبعدها فهمت أن الذي يريد أن ينضم لجماعة الحق هو الذي يجب أن يفرح ويمتن لله تعالى وليس أن يقوم الناس بعمل حفلة له، فعليه شكر الله سبحانه وتعالى أن منّ عليه بالبيعة.

لم أعلن أني أحمدية مباشرة. بنفس الفترة كانت أختي أمل قد قررت أن تعلن بيعتها، فسألتُ أمير الجماعة حينها هل لي أن أعلن بيعتي؟ فقال لي: اقتحمي العقبة والأفضل أن تعلني بهذا الوقت، ورغم رؤيتي للهجوم الشرس الذي تعرضت له أختي، لم أبالي وأعلنت بيعتي مما أثار غضب زوجي وقال لي حينها: لو فعلت أي شيء آخر غير أن تصبحي أحمدية، لكان أهون عليّ. فظن زوجي أن الأحمدية سحر فحاول جاهدا أن يخرج هذا السحر مني فأخذني إلى مشايخ في فلسطين وفي الأردن أيضا وكلما سمعت شيئًا من المشايخ كان إيماني ويقيني يزداد بصدق الأحمدية ولله الحمد وقد تفنن شيخ من الأردن بإبراز الأخطاء الإملائية واللغوية بكتب المسيح الموعود عليه السلام فقلت له: ولماذا تنظر إلى هذا؟ انظر إلى ما يقوله عليه السلام، ما رأيك بما يقول؟ لكنه لم يناقش بالأفكار والمعتقدات. وعندما عدنا إلى فلسطين قرر زوجي أن يطردني من المنزل.

فبدأت حياة جديدة بالنسبة لي وكان من المفروض أن تكون من الظاهر تعيسة بعد خروجي من بيتي وإبعادي عن أولادي، ولكنها كانت مليئة بالروحانيات والحرية في أن أشاهد قناة إم تي إيه وأقرأ أدبيات الجماعة، فزادت علاقتي مع الله تعالى وتيّسرت لي أمور كثيرة! فبعد محاولات في المحاكم أُعيدَ أولادي إلي ولله الحمد بفضل الدعاء، وكنت أعتقد أنني سأتأثر ماديًا ولكن بفضل الله قد تحسنت حالتي بعد الانفصال وقد أوصيت بثلث مالي ولله الحمد، ذهبت إلى الجلسات السنوية في قاديان ثم ذهبت لمقابلة الخليفة أيده الله بنصره العزيز الذي برؤية وجهه النيّر يمتلئ القلب بالبهجة والسرور فكل هذا كان من بركات إعلان بيعتي.
الأحمدية قربتني من الله تعالى وعرفتني بخالقي، فكنت أعبد الله تعالى بلا روح، والآن أعبد إلهًا عظيمًا له صفات لم أشعر بها بجلاء من قبل، فلله الحمد والمنة ومازال الطريق أمامي لأعرفه أكثر.

جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم.