اعلموا أيها الإخوان.. أننا قد نجونا من أيدي الظالمين، في ظل دولة هذه المليكة التي نمّقْنا اسمها في العنوان، التي نضرنا في حكومتها كنضارة الأرض في أيام التهتان.
أيها الناس.. إنا كنا قبل عهد دولة هذه المليكة المكرمة مخذولين مطرودين من كل طرف، لا نعرف سكنا، ولا نملك مسكنا، وكانت “الخالصة” يخطفون أموالنا خطفة الباشق، ثم يمرقون مروق السهم الراشق وينسلون.. فنجانا الله من هذه البلايا كلها، وأعاننا بقوم ذي الوجه البدري، فعادت بقدومهم أيام رَوحنا وريحاننا.
وأول ما لَقفْنا من آلائهم، وثقفنا من نعمائهم، هو الأمن والنجاة من تطاول الليام وظلم عبدة الأصنام، فإنهم آمنونا من كل خوف، وجبروا بالنا، فدخلنا الجنة بعد ما كنا من الذين هم يعذَّبون.
فالحمد لله الذي بدَّلَنا من بعد خوفنا أمنا، وأعطانا مليكة رحيمة كريمة، ما نرى في عمالها سطوة المتحكمين، بل هم على الضعفاء يرحمون.
إنهم أعطونا حرية تامة في إشاعة الدين، وتأليف الكتب وإقامة البراهين، والوعظ ودعوة الخلق إلى الإسلام، وفي الصوم والصلاة والحج والزكاة.
ولعمري إن هذا القوم قوم أرسله الله لنا ولخيرنا، أبادوا من أبادنا، وقلدوا بالنعم أجيادنا، ووجب علينا شكرهم بالقلب واللسان، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
يا قيصرة الهند.. وُقيتِ التَّلَف، وأُنسيتِ كلَّ رُزْء سلف، قد بذلتِ في إقامة الأمن جهد المستطيع، ووسّعت الحرية غاية التوسيع، ونجيت المسلمين من هموم ناصبة.
جزاك الله عنا خير الجزاء، وأعطاك ما في قلبك من التمني. لا ينسى نعماءك ذرية المسلمين، ولا يمحى اسمك عن دفاتر الفُرقانيين.
أيتها المليكة الكريمة الجليلة.. أعجبني أنك مع كمال فضلك، وعلمك وفراستك، تنكرين لدين الإسلام، ولا تُمعنين فيه بعيون التي تمعنين بها في الأمور العظام.
أيتها الجليلة، اعلمي -أيدك الله- أن دين الإسلام مجمع الأنوار، ومنبع الأنهار، وحديقة الأثمار، وما من دين إلا هو شعبته، فانظري إلى حبره وسبره وجنته، وكوني من الذين يُرزقون منه رزقا رغدا ويرتعون.
يا قيصرة، توبي توبي، واسمعي اسمعي! بارك الله في مالك، وكُلِّ ما لك، وكنت من الذين يرحمون. فإن ظهر كذبي عند الامتحان، فوالله إني راضٍ أن أُقتل أو أصلب أو تُقطَع أيدي وأرجلي، وأُلحق بالذين يُذبحون.
يا مليكة الأرض.. أسلمي تسلَمين.. أسلمي متَّعك الله إلى يوم التنادي، وسلمت وحُفظت من الأعادي، ويحفظك من الله الحافظون.