

بسم الله الرحمن الرحيم
لم يتلقَّ سيدنا ميرزا غلام أحمد عليه السلام علومَ الدين أو الأدب العربي في أي معهد عالٍ أو كتّاب معروف أو لدى عالم شهير، وإنما درس بعض الكتب العربية على يد معلّمين عاديين غير مميَّزين. ولقد بيّن عليه السلام في أحد كُتبه كيفيةَ تعليمه حيث قال إنه لما بلغ السادسة من عمره اختار له والده المحترم معلمًا اسمه “فضل إلهي”، فعلّمه قراءة القرآن الكريم وبعض الكتب الفارسية. وفي حدود العاشرة من عمره تتلمذ على يد معلم آخر اسمه المولوي “فضل أحمد”، فدرس عنده كتبًا أخرى وقسطًا ضئيلًا من قواعد النحو. وحينما بلغ السابعة عشرة من عمره استدعى له والده إلى قاديان شيخًا آخر هو المولوي “سيد گُل علي شاه البطالوي” فدرس منه بعضًا من كتب النحو والمنطق والطب وغيرها من العلوم المتداولة آنذاك.
ولذلك ما كان لأحد أن يتصور أن حضرته قادر على تأليف كتاب أو إعداد مقال باللغة العربية، ناهيك عن كتابة مصنفات ضخمة تفيض بالمعارف والحقائق بلسان عربي مبين، الأمر الذي حدا بالشيخ محمد حسين بطالوي وأمثاله ليُشيعوا بين الناس ادّعاءهم ضد سيدنا أحمد عليه السلام أنه جاهل بعلوم اللغة العربية.
هبة إلهية محضة
ولقد أكد سيدنا أحمد عليه السلام بنفسه أنّ معرفته بالعربية هبة إلهية محضة، فقال ما نصه:
” إن كمالي في اللسان العربي، مع قلة جهدي وقصور طلبي، آيةٌ واضحة من ربي، ليُظهر على الناس علمي وأدبي. فهل من معارض في جموع المخالفين؟ وإني مع ذلك عُلِّمتُ أربعين ألفًا من اللغات العربية، وأُعطيتُ بسطةً كاملة في العلوم الأدبية”.
ثم تحدث سيدنا أحمد عليه السلام عن التأييد الإلهي الذي تلقاه أثناء الكتابة فقال ما تعريبه:
” وجدير بالذكر هنا أنني ألاحظ أن التأييد الإلهي الإعجازي يحالفني أثناء التأليف والكتابة بشكل خاص، حيث أشعر لدى كتابة شيء بالعربية أو الأردية كأن أحدًا من داخلي يعلّمني. وإن كتاباتي كلها، سواء العربية منها أو الأردية أو الفارسية، تتم كتابتها بطريقين؛ الأول: أن سلسلة من الألفاظ والمعاني تتراءى لي على التوالي بمنتهى السهولة فأكتبها. والقسم الثاني من كتاباتي يتم بطريق خارق للعادة كليةً. وذلك أنني حين أكتب شيئًا بالعربية مثلًا وأحتاج إلى بعض الكلمات التي يتطلبها السياق ولا أعرفها… فإن الوحي الإلهي يهديني إليها… وعلى سبيل المثال، احتجتُ أثناء الكتابة بالعربية إلى ما يعني “كثرة العيال” ولم أعرف تلك الكلمة، وكان السياق يتطلبها، فأُلقيَ في قلبي فورًا لفظُ “الضفف” على صورة وحي متلوٍّ…ونفس الحال بالنسبة للجمل العربية، فأثناء الكتابة بالعربية تَرِدُ على قلبي مئاتُ الجمل على شكل وحي متلوٍّ، أو يرينيها ملاك مكتوبةً على ورقة؛ وتكون بعض تلك الجمل آيات من القرآن الكريم، وبعضها شبهَ آيات مع شيء من التصرف.
وهذا يؤكد أن ما ألفّه سيدنا المسيح الموعود عليه السلام باللغة العربية الفصيحة البليغة إنما ألفّه بتأييد إلهي، وليس بناءً على علم مكتسب. من أجل ذلك نجد العلماء المعارضين يتحاشَون -من جهة- نزالَه حين تحداهم أن يأتوا بمثل ما أتى به من كتب ومقالات، ومن جهة أخرى راحوا يثيرون ضد كتبه الاعتراضات السخيفة…
انتهى تلخيص المقدمة.
