

… فُتحت عليّ أبواب الإلهام، وخاطبني ربي وقال:
يا أحمد، بارك الله فيك. الرحمن علم القرآن، لتنذر قوما ما أُنذر آباؤهم، ولتستبين سبيل المجرمين…
هذه نبذة من إلهاماتي، ومن جملتها: إنا جعلناك المسيح بن مريم. ووالله قد كنت أعلم من أيام مديدة أنني جُعلت المسيح بن مريم، وأني نازل من منزله، ولكن أخفيته نظرا إلى تأويله، بل ما بدلت عقيدتي وكنت عليها من المستمسكين.
وكنت أنتظر الخيرة والرضاء، وأمر الله تعالى حتى تكرر ذلك الإلهام، ورفع الظلام، وتواتر الإعلام، وبلغ إلى عدة يعلمها رب العالمين. وخوطبت للإظهار بقوله: (فاصدع بما تؤمر)، وظهرت علامات تعرفها حاسة الأولياء وعقل أرباب الاصطفاء.. وتبين أنه وحي الله لا تلبيس الشياطين.
وكنت أعلم أن وفاة المسيح حق ثابت بالنصوص البينة القطعية، القرآنية والحديثية، وأعلم أن إلهامي لا غبار عليه ولا تلبيس ولا تخليط، ومع ذلك كان يقيني بأن اعتقاد المسلمين في نزول المسيح حق لا شبهة فيه ولا ريب.
فتضرعت في حضرة الله تعالى، وطرحت بين يديه متمنيا لكشف سر النزول وكشف حقيقة الدجال، لأعلمه علم اليقين وأرى به عين اليقين، فتوجهت عنايته لتعليمي وتفهيمي، وألهمت وعلمت من لدنه أن النزول في أصل مفهومه حق، ولكن ما فهم المسلمون حقيقته.
أما الدجال فاسمعوا أبين لكم حقيقته من صفاء إلهامي وزلالي، وهو حجة قطعية ثقفت للمخالفين تثقيف العوالي، خذوه ولا تكونوا ناسين أو متناسين.
أيها الأعزة قد كشف علي أن وحدة الدجال ليست وحدة شخصية، بل وحدة نوعية، بمعنى اتحاد الآراء في نوع الدجالية، كما يدل عليه لفظ الدجال وإن في هذا الاسم آيات للمتفكرين. فالمراد من لفظ الدجال سلسلة ملتئمة من همم دجالية، بعضها ظهير للبعض، كأنها بنيان مرصوص من لبن متحدة القالب، كل لبنة تشارك ما يليها في لونها وقوامها ومقدارها واستحكامها.
وقد جرت عادة الناس، عربا وعجما، أنهم إذا أردوا كيفية وحدانية في أفراد فينزلونها في منزل الواحد.
وأنت تعلم أن الناس إذا اجتمعوا في أرض وألقوا فيها مراسي السكون، وحصل لهم نظام تمدني وتعلق بعضهم بالبعض تعلقا مستحكما، وتحقق النسب والإضافات غير قابلة الانفكاك والزوال، فإن شئت تسمي مجموعتهم: بلدة، وتجري على جماعتهم أحكام الواحد، وما هو واحد في الحقيقة.
