بسم الله الرحمن الرحيم
لقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتمون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه؛ كانوا يصومون أيامه ويحفظون صيامهم عما يبطله من اللغو واللهو والغيبة والنميمة والكذب.
وكانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن كانوا يتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان وتفطير الصائمين.
كانوا يجاهدون أعداء الإسلام في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله فقد كانت غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون على عدوهم في اليوم السابع عشر من رمضان وكانت غزوة فتح مكة في العشرين من رمضان حيث دخل الناس في دين الله أفواجا وأصبحت مكة دار إسلام.
فليس شهر رمضان شهر خمول ونوم وكسل كما يظنه بعض الناس بل هو شهر جهاد وعبادة وعمل، لذا ينبغي علينا أن نستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكرم وكيف لا نكون كذلك في شهر اختاره الله لفريضة الصيام ومشروعية القيام وإنزال القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور وكيف لا نفرح بشهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين وتضاعف فيه الحسنات وترفع الدرجات وتغفر الخطايا والسيئات.
ينبغي لنا أن ننتهز فرصة الحياة والصحة والشباب فنعمرها بطاعة الله وحسن عبادته وأن ننتهز فرصة قدوم هذا الشهر الكريم فنجدد العهد مع الله تعالى على التوبة الصادقة في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات وأن نلتزم بطاعة الله تعالى مدى الحياة لنكون من الفائزين.
ينبغي أن نستقبل هذا الشهر الكريم بالعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا لا تقليدا وتبعية للآخرين وأن تصوم جوارحنا عن الآثام من الكلام المحرم والنظر المحرم والاستماع المحرم والأكل والشرب المحرم لنفوز بالمغفرة والعتق من النار.
ينبغي لنا أن نحافظ على آداب الصيام، من تأخير السحور إلى آخر جزء من الليل وتعجيل الإفطار إذا تحققنا من غروب الشمس والزيادة في أعمال الخير وأن يقول الصائم إذا شتم إني صائم فلا يسب من سبه ولا يقابل السيئة بمثلها بل يقابلها بالكلمة الطيبة ليتم صومه ويقبل عمله، يجب علينا الإخلاص لله عز وجل في صلاتنا وصيامنا وجميع أعمالنا.
ينبغي للمسلم أن يحافظ على صلاة التراويح وهي قيام رمضان اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخلفائه الراشدين واحتسابا للأجر والثواب المترتب عليه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.
علينا أن نحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار اتباعا للسنة وطلبا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وهي الليلة المباركة التي شرفها الله بإنزال القرآن فيها وتنزل الملائكة والروح فيها وهي الليلة التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وهي محصورة في العشر الآواخر من رمضان فينبغي على المسلم أن يجتهد في كل ليلة منها بالصلاة والتوبة والذكر والدعاء والاستغفار وسؤال الجنة والنجاة من النار لعل الله أن يتقبل منا ويتوب علينا.
ينبغي للمسلم الصائم أن يحافظ على تلاوة القرآن الكريم في رمضان وغيره بتدبر وتفكر ليكون حجة له عند ربه وشفيعا له يوم القيامة وقد تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة بقوله تعالى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى.
وينبغي للمسلم أن يلح على الله بالدعاء والاستغفار بالليل والنهار في حال صيامه وعند سحوره فقد كتب في الحديث الصحيح أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى الثلث الأخير من الليل فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفر لي فأغفر له حتى يطلع الفجر.
فينبغي للمسلم أن يحفظ أوقات حياته القصيرة المحدودة بما ينفعه من عبادة ربه المتنوعة القاصرة والمتعدية ويصونها عما يضره في دينه ودنياه وأخرته وخصوصا أوقات شهر رمضان الشريفة الفاضلة التي لا تعوض ولا تقدر بثمن وهي شاهدة للمطيعين بطاعاتهم وشاهدة على العاصين والغافلين بمعاصيهم وغفلاتهم وينبغي تنظيم الوقت بدقة لئلا يضيع منه شيء بدون عمل وفائدة فإنك مسؤول عن أوقاتك ومحاسب عليها.
كتب بعض الصوفيين أن هذا الشهر هو أنسب الأشهر لتنوير القلب إذ به تزداد قوة الكشف.
الصلاة تزكي النفس والصوم يجلي القلوب والمراد من تزكية النفوس ان يبتعد الانسان عن شهوات النفس الأمارة والمراد من تجلي القلوب فتح الأبواب للكشوف والرؤى الصالحة ورؤية الإنسان ربه.
إن عدم الطعام وتحمل الجوع ضروريان لتزكية النفس ويزيدان في قوة الكشف والإنسان لا يحيى على الرغيف وحده وإن ترك خيال الحياة الأبدية هو مجلبة للقهر الإلهي ويجب على الصائم أن يفهم أنه ليس مقصد الصيام أن يجوع الإنسان فقط بل يجب أن يهتم بالعبادة وينشغل في ذكر الله تعالى.
وأخيرا نقول أن الصوم هو وسيلة للحصول على الرقي الروحاني ونيل رضوان الله سبحانه وتعالى.
أعاننا الله على صيامه وقيامه لنيل بركات هذا الشهر العظيم وكل عام وأنتم بخير ورمضان كريم.
بقلم: سهاج محمود
