بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } (التحريم 12)

نعم لقد خص الإسلام المرأة بمكانة لم تعرفها نساء العالم من قبل في أي من الديانات السابقة.

ولا ننسى قول رسولنا الأكرم سيد الخلق وإمام الورى المصطفى (ص) عن زوجته الفاضلة أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها التي قال فيها :

آمنت بي حين كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء.

فلهذا الحب الصادق والإخلاص الرائع والوفاء العظيم استحقت السيدة الفاضلة ما قاله النبي الكريم فيها.

كذلك عائشة أم المؤمنين وهي تحث الجيوش الإسلامية على الثبات في القتال وغيرهن الكثيرات الكثيرات ولدن الأنفس رجالا وجعلن الرجال سادة وعظماء.

لقد منح الإسلام المرأة حقا واضحا بالميراث لم تعرفه المرأة من قبل وقد بين القرآن الكريم ذلك في الآية التالية من سورة النساء: { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} (النساء 8)

أما المرأة الصالحة الشريفة العفيفة الواعية المدركة فهي التي تحفظ قدر زوجها وتكون سره وسكنه وترفع من شأنه.

لم يكن قبل النبي (ص) أي اعتراف بحقوق المرأة على الرجل وإنما يعتبرونها كالعقار والمال تنتقل من يد إلى أخرى كالإرث، إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي أبرز مكانة المرأة كإنسانة وإن الرسول (ص) هو الإنسان الأول الذي أمر للمرأة بحقوق مساوية للرجل على أساس من الإنسانية، ورسخ في أذهان الناس معنى قوله تعالى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة 229) وما جاء في كلامه (ص) من نصائح تحث على حسن معاشرة النساء وأداء حقوقهن وتبرز قدراتهن الكاملة.

لقد جاء الدين الإسلامي الحنيف لرفع مقام المرأة وإزالة كل ما كانت عليه من هضم لحقوقها فأوجب العناية بها وأعطاها حقها كاملا غير منقوص حيث جاء في القرآن الكريم { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} (النساء 33)

ونستطيع أن نجزم بأنه لم يأت قبل الإسلام أو بعده تشريع يفوقه بمثالية بالنسبة إلى المرأة فقد جاءها بالإنصاف واعترف لها بالحرية الاقتصادية وحريتها في التعليم بل جعل التعلم فرضا عليها حيث أمر الرسول (ص) المسلمين بأن يعلموا أولادهم وبناتهم بقوله “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة” فالإقبال على العلم –علم الدين والدنيا بالنسبة إلى المرأة هو ما يهدف إليه ديننا الحنيف وذلك لأن المرأة ركن هام في بناء المجتمع لا يقل عن دور الرجال في هذه الحياة الدنيا.

كما أقر لها الإسلام حقوقها الاجتماعية في الخروج وكذلك ممارسة نشاطاتها المختلفة وفي اختيار الزوج وفي طلب الطلاق بل إن الإسلام جعل العصمة في يدها إذا تنازل الزوج عن حقه في ذلك.

كانت المرأة في أيام الرسول(ص) تخرج إلى ميادين القتال وكانت تشهد الصلاة في المساجد كما كانت تزاول التجارة وطرائق الحياة المحللة للرجال والنساء على حد سواء فأصبحت المرأة  مثل الرجل لها ما له من الحقوق وعليها ما عليه من الواجبات.

فكل منهما قوة عاملة في الحياة ولكل منهما الحق في الميراث والحق في التصرف في ما يملك والحق في مزاولة ما يناسبه من الأعمال.

وكل هذه الحرية والحقوق في حدود الآداب العامة والأخلاق الرفيعة.

لقد حث الإسلام على حسن معاملة الزوج لامرأته وإعطاها حقوقها الشرعية بصورة معقولة ونهى عن ضربها وعن كل ما يؤذيها حيث قال رسول الله (ص) أطعم زوجك إذا أطعمت واكسها إذا كسيت ولا تقبح الوجه ولا تضرب” كما قال (ص) “الجنة تحت أقدام الأمهات”. ففي أي دين حصلت المرأة على مثل هذا التقدير العظيم والمكانة العالية.

فالدين الإسلامي لا يمنع المرأة من الذهاب إلى ميادين العمل الضروري لحياتها وهذا أهم ما يشير إلى حريتها ورفع الظلم عنها.

لقد حمى الإسلام المرأة من ظلم الرجل واستعباده إذ كانت المرأة قبل الإسلام جزءا من المتاع تورث كما يورث وتمنع المرأة المطلقة من الزواج ظلما فلا يحق لها أن ترث شيئا.

لقد حمى الإسلام المرأة من إسراف الرجل في الطلاق فأبغض الإسلام الطلاق كما جاء في قول النبي (ص) إن أبغض الحلال عند الله الطلاق”.

وبينما أباح الإسلام للمرأة الخروج حتى لا تكون محبوسة في البيت فقد طالبها بغض البصر حفاظا على نفسها كما طالبها بعدم التبرج أي إخفاء كل ما يمكن أن يكون سببا لأغراء الرجل، كما أمر الرجل أيضا بغض البصر لأن النظر يثير الشهوة والشهوة وسيلة لانتشار العادات القبيحة والأخلاق الفاسدة التي من شأنها أن تقوض أركان المجتمع.

أما من واجبات المرأة فواجبها الأول طاعة أمر الله ورسوله وعليها أن تؤدي واجبات دينها بأمانة وإخلاص وأن تداوم على صلواتها وتعمل كل ما هو خير وتبتعد عن أعمال الشر حتى تكون قدوة حسنة لعائلتها كما يجب عليها أن تشارك زوجها المسؤولية وتكون خير معاون له على أعباء الحياة وعليها أن تقوم بواجباتها البيتية كما أن تعتني بتربية أولادها تربية صحيحة وتعلمهم ما فيه صلاح أمرهم وتثقيف عقولهم.

وأما عن اللباس فقد حدد الإسلام لباس المرأة بالحشمة والكمال فإن لباس المرأة في الإسلام هو الحجاب ويكفي أن نَصِف الحجاب بالسترة للمرأة وعلينا أن نكون معتدلين بلباسنا وأن لا نقوم بلبس ما هو محرم علينا والإسلام لم يفرض الحجاب على المرأة إلا لكي يبعد الرجل والمرأة عن تلويث القلب وفساد الأخلاق ولسد باب الشيطان الذي يزين المرأة للرجل ويزين الرجل للمرأة.

إن لباس المرأة للحجاب يكسبها الاحترام والتقدير من قبل الآخرين ويكفي لها أن تكسب رضى ربها مبتعدة عن تقليد الأجنبيات في كل ما هو جديد.

المرأة هي الأم التي أعدت جيلا طيب الأعراق والأخلاق عظيم التضحيات والبطولات وهي جامعة الحياة في البدايات والنهايات ورائحة الذكريات.

هي الأخت والرفيقة هي الجدة والزوجة والحبيبة رفيقة الحياة وعبقها الدائم المتجدد هي النفس وروح الحياة المنبعث من فضاء الكون وحاضنة الرسالة الإنسانية الخالدة وجواز عبورها إلى المجد بابتسامة وثقه وأمل وتجدد مفعم بالحياة.

هي المرأة مهما تبدلت أدوارها ظلت بروحها واحدة تجمع كل الصفات وتتقن فن إدارتها بامتياز واستثنائية لا يستطيع أي من الرجال إتقانها فهي معجونة معها منذ التكوين بالصبر والرقة والحنان والحب والإحساس والطاقة والغيرة والأنوثة والجمال.

فطوبى لبيت سعد بأم تعطي لتنال – ولو كان مطلبها صعب المنال.

ندعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا للعمل بموجب تعاليم القرآن الكريم وسنة نبينا المصطفى(ص) لما فيه خير أمتنا وجماعتنا.

بقلم: سهاج محمود