يقول سيدنا مرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام :

أيها الكرام … إن الفتن اشتدّت ، والأرض فسدت ، والمفاسد كثرت ، وعلا في الأرض حزب المتنصّرين ؛ وقيل لهم مرارًا، لاتجعلوا ميتًا إلها غفّارا ، واتّقوا الله محاسبًا قهّارًا ، فما خافوا الله وأصروا على كفرهم متشدّدين ،هنالك اقتضت أحديّٓته؛ وقضت غيرته ، أن يكسر صليبهم ، ويبطل أكاذيبهم ، ويوهن كيد الخائنين. فكلمني وناداني وقال : إني مرسلك إلى قوم مفسدين ، وإني جاعلك للناس إمامًا ، وإني مستخلفك إكرامًا ، كما جرت سنتي في الأوّلين.” وخاطبني وقال :” إنك أنت مني المسيح ابن مريم ، وأرسلت ليتمّ ما وعد من قبل ربّك الأكرم ، إن وعده كان مفعولا وهو أصدق الصادقين .” وأخبرني أن عيسى نبي الله قد مات ، ورفع من هذه الدنيا ولقي الأموت ، وما كان من الراجعين ، بل قضى الله عليه الموت وأمسكه ، ووافاه الأجل وأدركه فما كان له أن ينزل إلا بروزًا كالسّابقين . وقال سبحانه .” إنّك أنت هو في حلل البروز ، وهذا الوعد الحق الذي كان كالسر المرموز ، فاصدع بما تؤمر ولا تخف ألسنة الجاهلين ، وكذلك جرت سنة الله في المتقدمين.”
فلما أخبرت عن هذا قومي ، قامت علماؤهم للعني ولومي ، وكفّروني قبل أن يحيطوا قولي ، ويَزنوا حولي ، وقالوا دجّال ومن المرتدّين ، وسلطوا عليّ أوقحهم وأدمّهم ، وحرّقوا عليّ أرمّهم ، كالسباع والتنين، فتكّأدني شرّهم وتضوّرت ،وغلوا وصبرت ، واستباحوا أعراضنا ودماءنا وكانوا فيه من المفرطين ، وقال كبيرهم الذي أفتى ، وأغوى الناس وأغرى ، إنّ هؤلاء كفرة فجرة ، فلا يسلّم عليهم أحد ؛ ولا يتّبع جنازتهم ، ولايدفنوا في مقابر المسلمين.”
فلما رأيتهم كالعمين المحجوبين ، ورأيت أنهم جاوزوا الحد وآذوا الصادقين ، ألفت لهم كتبًا مفحمة ورسائل نافعة للطالبين ، فما كان لهم أن يستفيدوا أو يقبلوها وما كانوا متدبّرين ، فقاموا للردّ فلم يقدروا عليه، وصاروا للإهانة فردّها الله عليهم، فجلسوا متندّمين. وعاندوا كل العناد ، وأفسدوا كل الفساد، وحسبوا أنهم من المصلحين، وإن غلوّهم الآن كما كان، وما لهم عندي إلا المدارة والادراء ، والصبر والدعاء، وإنا نصبر إلى أن يحكم الله بيني وبينهم وهو خير الحاكمين، وما كان عندهم عذر إلا قطعته، وما شك إلا قلعته، وما كانت دعوتي إلا بنصوص الآثار وكتاب مبين.

من كتاب ( مكتوب احمد )