“باختصار إن من سُنّة الله أن مَن يأتي إلى هذه الدنيا فلا بدّ أن يغادرها يومًا لا محالة، وقد غادرها جميع الأنبياء أيضا بحسب هذه السنة الإلهية وورثوا جنة ربهم الأبدية التي كانوا يتحرّوْنها على الدوام. ونجد أن المسيح الموعود ‏عَلَيْهِ السَّلَام أيضا كان في كل لحظة من حياته يتمنى حياة الآخرة التي هي الحياة الأبدية، وعندما تُوفّي ‏عَلَيْهِ السَّلَام لم يُصَدّق كثير من أبناء الجماعة وفاته، رغم أن المسيح الموعود ‏عَلَيْهِ السَّلَام كان يُعِدُّ جماعته منذ فترة لتلقي هذا الحادث، إذ كان يتلقى من الله تعالى إلهامات متكررة بهذا الصدد جاء فيها: “الرحيل ثم الرحيل والوقت قريب”. فلما علموا أن حادث وفاته ‏عَلَيْهِ السَّلَام قد وقع حقًا، حدثت ضجة كالقيامة من البكاء والتضرع والابتهال هزت سقف “المسجد المبارك” وذلك في أثناء صلاة المغرب، كما يروي الراوون.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية بلغت تصرفات المعارضين الشائنة ذروتها. فقد جمعوا الأوباشَ حول مبنى “أحمدية بلدنغز” (بلاهور) حيث وُضع جثمانه ‏عَلَيْهِ السَّلَام الطاهر، وأخذوا يرفعون هتافات ويتغنون بأغانٍ منحطة تعبيرًا عن فرحهم وابتهاجهم على وفاة المسيح الموعود ‏عَلَيْهِ السَّلَام، حتى بلغوا في السفاهة والوقاحة منتهاها.
يتوقع المرء هذه التصرفات الشائنة من قبل الأوباش، ولكن الغريب أن بعض أصحاب الجرائد ذوي السلوك المنحط والرؤية الضيقة أيضا أظهروا خبث باطنهم حيث أعربوا عن بهجتهم وسرورهم على وفاته ‏عَلَيْهِ السَّلَام، زاعمين أن هذه الجماعة ستُدمَّر الآن وتُباد. وقد أخطأ هؤلاء المتفوهون بالهذيان فيما زعموا، إذ كان هذا تفكيرًا معوجًا وأمنية باطلة من ديدان الأرض هؤلاء. كان هذا خطأً من هؤلاء الذين لم يعلموا أن الله تعالى يغار للذين يبعثهم من عنده غيرة كبيرة. كانت عقولهم في غطاء وعيونهم في غشاوة، فلم يعرفوا أن هذا الشخص الذي قد غادر الدنيا اليوم قد كان مصداقًا لنبوءات سيده ومطاعه عَلَيْهِ السَّلَام التي تنبأ بها قبل 14 قرنا، وأن هذا الشخص قد أنشأ من المؤمنين جماعة قد وعد الله تعالى بكلمات واضحة أن يبدِّل خوفها أمنًا، ويؤيدها بتأييده ونصره. لقد سبق أن بشّر الله تعالى المؤمنين الصادقين على لسان سيدنا رسول الله ‏عَلَيْهِ السَّلَام أن فرحة الأعداء على وفاة المسيح الموعود والمهدي المعهود ستكون فرحة مؤقتة وكاذبة، وأنه تعالى يستر خُدّامه المخلصين برداء رحمته وفضله”

( خطاب يوبيل الخلافة لسيدنا أمير المؤمنين أيده الله تعالى بنصره العزيز، الخليفة الخامس للمسيح الموعود عليه السلام في ٢٧ مايو ٢٠٠٨م)