منقول من مجلة زاد المسلمة
ولدت في 15 آذار سنة 1995 وبهذا عمري الآن 21 عام… سورية الجنسية من محافظة حماة.
حسب أقوال أمي في يومي الأول في الحياة، كانت الأمطار تهطل بغزارة وتذكر أنه كان يوم خميس، وبحسب قولها كان أكثر الأيام مطرا وبردا في ذلك العام.
عشت طفولة لا بأس بها وكل من رآني قال: تتميز بالهدوء والخجل والمسالمة.. إلا أنني اكتشفت لاحقا أنني هادئة أحيانا وسريعة الانفعال ولا تلفت انتباهي أية أمور…
إن قدّر الله لي أمرًا وأحببته نلته بعزم وإصرار وبمشيئة الله تعالى… وأملك نظرة لكل موقف حصل معي أو سيحصل فيما بعد.
منذ طفولتي أفضل الابتعاد عن أماكن الاختلاط وأحاول اكتشاف كل ما حولي بمفردي دون أية مساعدة أو بمعنى آخر أرفض مساعدة الآخرين في الأمور التي تخصني.
أذكر أيضا أن الله يلهمني الطريق الصحيح منذ طفولتي وكنت أرى رؤى تتحقق بالواقع.
أحب تقديم المساعدة لكل الناس حتى وإن كنت لا أعرفهم أو لا تربطني بهم أية صلة… وإن أخطأت أعترف بخطأي وأندم ندما شديدا على أي شيء أراه غير صحيح… غير ذلك كنت و لا زلت عندما أمضي كل يوم في حياتي أقضي مدة من الزمن قبل نومي أعيد شريط اليوم وأحاسب نفسي وآخذ وعدا بأن لا أكرر ما ارتكبته من خطأ.
ومنذ مدة قصيرة بدأت أرى أشياء تتحقق حتى وإن لم أكن نائمة، فلعل الله أعطاني شيئا يعطيني الثقة والاحترام للانضمام لجماعته بكل فخر وأكون ابنة صالحة وأفيد من حولي .
لم تكن لدي الرغبة في مواكبة ما هو جديد ما لم يعجبني ويكون مما لا يتسبب بغضب الله تعالى وغضب والديّ.
كنت في المرحلة الابتدائية، أحتل المركز الأول ودائما بالصدارة والحمدلله وحافظت على مستواي في الإعدادية.. ثم دخلت المرحلة الثانوية وأنهيت الصف العاشر والحادي عشر وأنا ما زلت بمكاني إلى التوجيهي (الثالث الثانوي)… بدأت السنة وكانت الأمور كلها تسير بشكل عادي حتى وصلت مرحلة الامتحانات وشاء الله أن نغادر بلدنا بسبب الظروف والأوضاع التي كانت تجري آنذاك… اضطررنا للسفر إلى لبنان ومن ثم إلى الأردن (عمان).. لم تسمح لي الفرصة أن أكمل دراستي في بلدي فلما استقرت الأمور في الأردن دخلت الثانوية في محافظة معان وتوجهت إلى المدرسة بعد عناء طويل… أمضيت ثلاثة أعوام ولم أكن أتقبل وجودي في بلدة معان… ولكني الآن علمت أن الخير يكمن في تواجدي هنا وفي مكاني هذا وفي البلدة التي أعيش فيها.
بعد دخولي المدرسة الثانوية، لم يحالفني الحظ في الامتحانات، وأنا اعتبر هذا امتحان من الله وضعني الله فيه لأعرف مدى إصراري بالحصول على ما أريد ومدى قوة إيمانني بالله تعالى… وقفت عند آخر فرصة لي في تقديم المواد التي رسبت فيها خلال عام ونصف من الدراسة… قررت أن آخذ استراحة وأبدأ شيء جديد فبدأت أبحث عن عمل. بعد مضي ما بين 5 أشهر إلى 6 أشهر، تلقيت اتصالًا وعلمت أنهم يريدون سكرتيرة لدى طبيب أسنان فذهبت للمقابلة وبعد أربعة أيام أو أكثر أيضا تلقيت اتصال في صباح يوم الأحد الموافق 17 من شهر كانون الثاني ليخبرونني أن أبدأ العمل في صباح يوم الاثنين الموافق 18 من ذاك الشهر… بكل جهد وبعد عناء قطعت وعدا على نفسي أن أثبت ذاتي وأستغل هذه الفرصة لأحقق جزءً مما أحلم به أن يتحقق في حياتي.
وبالفعل بدأت أعمل بفرح وسرور.. أصبح عملي جزء من حياتي لأنني أحلم أن أكون ذات يوم طبيبة فالله قدر لي أن أرى كل شيء ليزيد تعلقي في مجال طب الأسنان وأنا لازلت أعمل لدى الدكتور (علي الزيادنة)… بالفعل أنه إنسان رائع ولا أراه سوى قدوة أستطيع أن أقتبس منه أي شيء يجعلني أتقدم خطوات كبيرة في حياتي وفي أمور الجماعة .
وبعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع بدأت مناقشات أمامي بأمور أول مرة أسمع بمثلها في حياتي مثل: وفاة سيدنا عيسى عليه السلام وأنه لم يرفع إلى السماء وأنه أيضا ليس المسيح الذي سينزل في آخر الزمان، وبعد مناقشات وحوارات دامت أكثر من ثمانية أشهر كان الدكتور قد وصل لمرحلة أنه شرح لي ولزميلتي جميع هذه الأمور وكان يأمل منا أن نتخذ خطوة للأمام بأنفسنا ونسلم أمورنا لله تعالى بكل قوة وإيمان … كان يقول لي عبارة يقشعر لها جسدي وهي: قولي يا سلمى دائما (اللهم اهد قلبي إلى الصراط المستقيم)… وبالفعل أخذت أرددها عندما أشعر بالضعف والخوف من هذا الأمر … كان عملي يبعد عن منزلي مسافة نصف ساعة كاملة فكنت خلال قدومي لعملي أكرر “ليس لها من دون الله كاشفة” (سورة النجم: 59) وأيضا دعاء سيدنا يونس عليه السلام: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”… وكنت أتقصد هذا الدعاء لينجيني الله ويهديني صراطا مستقيما وينور قلبي ويثبتني على الهدى… خلال عملي دعتني زوجة الدكتور (شروق هارون الغنميين) لأذهب إلى بيتها وبالفعل ذهبت وتكلمنا ما الذي تغير في حياتي منذ معرفتي بالجماعة وشجعتني وهدأت قلبي وأعطتني أملا للتقدم.
في رمضان الماضي كنت قد قررت أن أقدم المواد التي رسبت فيها وأن آخذ إجازة من عملي، وبالفعل حدث ما خططت له وصرت أدرس وفي آخر الليل أفكر في سيدنا المسيح الموعود ميرزا غلام أحمد عليه السلام وفي الكلام الذي كنت أسمعه فكنت أتوكل على الله وأخلد إلى النوم… كان علي تقديم الفيزياء والرياضيات ومادة الإنجليزية فاضطررت للاتصال بمدرس فيزياء وأطلب منه الحضور إلى منزلي لعدم توفر معلمة قديرة غير منشغلة لتفيدني في بعض الصعوبات التي واجهتها في الفيزياء فذكر لي الدكتور علي الزيادنه أحد أصحابه واسمه (الأستاذ أحمد عبد العزيز) وبالفعل لبى طلبي وأتى إلى منزلي ثلاث مرات وكنت على علم أنه أحمدي… فاستغليت الفرصة وكنت بعد الانتهاء من الدرس، أسأله بعض الأسئلة بشأن الجماعة وكان كلامه مبسطا وواضحا جدا مما زاد إصراري على الانتماء للجماعة بكل قوة. بعد الانتهاء من المدة المقررة للمادة قررت أن أصلي الاستخارة في الشهر الفضيل ليدلني الله على الطريق الصحيح لأنني بدأت أشعر بالضياع نوعا ما… بدأت الاستخارة أول مرة وثاني مرة ولم يحدث شيء فقلت لأترك يوما من دون فعل أي شيء سوى التسبيح والتهليل قبل النوم، وفي ذاك اليوم رأيت رؤيا غريبة وهي أن الخليفة الثاني رحمه الله يمشي ورائي وخلفه جماعة من الناس يحملون مشاعلا وأنا أمامه وكان الظلام حالكا… استيقظت صباح اليوم التالي لأداء صلاة الفجر وتذكرت الرؤيا ولم أعرف تفسيرها… قدمت الامتحانات بسلام وعدت لعملي وتحدثت للدكتور عن الرؤيا طالبة منه تفسيرا لها… فقال لي حينها بأن علي أن أقرأ وأمتلك القوة لمواجهة التالي وأن الخليفة بالرؤيا كان ينير دربي ولا خوف من هذه الرؤيا على العكس تماما… استمريت في العمل وطرأت تغيرات عليه… وفي تاريخ 24 من شهر تموز جاءني اتصال هاتفي من والدتي لتخبرني أن الحظ لم يحالفني مرة أخرى ولم أستطع النجاح… بكيت بكاء شديدا حتى أحسست أن قلبي سيقف في لحظة من اللحظات… وبعدها أخذت نفسا طويلا وقلت قدر الله وما شاء فعل لعله خير لي أن أتأخر مدة من الزمن فليس سهلا أن أحصل على أمر جيد أريده إلا أن يشاء الله… وكنت لا أزال في ذلك الوقت أبحث في أمر الجماعة إلى تاريخ 22 من شهر تشرين الأول حصلت على ورقة المبايعة وقيل لي أن أملأها إن أردت… فأخذتها وقلت بنفسي وبقوة أنني أريد تعبئتها من صميم قلبي لأنها رسالة الإسلام وسنة النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام الصحيحة وبدأت بقراءتها وعيناي تمطران بالدموع… وتمت المبايعة بفضل الله وأحسست حينها أنني ولدت من جديد وأصبحت مسلمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وإنسانة صالحة ولن أعبث مع الله لأنني أصبحت قريبة منه أكثر من أي وقت مضى .
أجبرت قبل فترة قصيرة على حضور حفلة خطوبة بإصرار من والدتي فذهبت وجلست دون تحريك ساكن أو أي رغبة مني في الاندماج في هذه الأجواء لأنها لا تليق بي كوني أحمدية… وعند الانتهاء وعودتي إلى المنزل كنت في قمة الانزعاج وفي داخلي شيء يحدثني أنني كنت أستطيع الرفض والإصرار أكثر على عدم الذهاب… فنمت وكنت قد أنهيت صلاة العشاء والتسبيح فرأيت رؤيا أن شخصا ما يحدثني ويقول لي في الرؤيا :(سلمى بلغت مرتبة عالية) وعند استيقاظي لأداء صلاة الفجر كنت في قمة السعادة من هذه الرؤيا لأنني لم أعد أرغب في هذه الأجواء وأريد من الله التوفيق لكل أمر في حياتي فكيف لي أن أطلب من الله مثل هذا وأنا لازلت أغضبه نوعا ما .
أنا من عائلة ملتزمة وقد واجهت رفضا كليا من أختي الكبرى وزوجها الملتزمين دينيًا عند مناقشتي لهما بتفسير المسيح الموعود عن بعض الأمور… ورفضًا قوي عند مناقشتي لوالدتي ووالدي عن قصة سيدنا عيسى وغيرها… وعند رفضهم لكلامي أصريت عليهم أن يثبتوا لي بأن أفكاري خاطئة بدليل من القرآن لكنهم لم يستطيعوا… فبذلك وبكل صراحة زادت رغبتي في التعمق والاندماج في الجماعة أكثر وأكثر .
رفضت صديقاتي فكرة أن أنتمي لجماعة محددة وقلن إن دين محمد واحد وأي جماعة أخرى ستحرف الدين أيا كانت وأنني على خطأ كبير.
هذا ما واجهته بمجرد طرح أفكار صغيرة عليهم… فأحببت أن أكتم الأمر الآن حتى يشاء الله وأمتلك جرعة كافية من القوة لأقف أمام الملأ وأقول أني أحمدية وأقنعهم بأننا على الصواب.
أقضي معظم وقتي في العمل وبهذا الشكل انقطع تواصلي مع أناس أحبهم بشدة أتمنى لهم كل الخير… أطلب من الله تعالى أن يساعدني لكي أتكلم معهم بأمور الجماعة ليعلموا ما علمته فأنا لا أخافهم عند محادثتي لهم بأي أمر كان خلافا عن بقية الأشخاص الذين يوجدون قربي ولايبعدون عني سوى أميال… وأكون لهم يد العون والمساندة… فأنا أقف معهم بكل حالاتهم سواء كانت فرح أو حزن لذلك أدعو لهم الله أن يهدي قلوبهم وينير دروبهم .
الأشياء التي تغيرت في حياتي عند مبايعتي أنني تيقنت اليقين التام أن ما من أمر يحدث إلا وبه خير كثير… وعندما يمنع الله عنا شيئا نحبه فهو يعطينا الذي نحتاجه… وعلينا أن لا نحزن لأننا سنلقى الفرح الكثير فيما بعد… هذا وقد قال تعالى: “ولسوف يعطيك ربك فترضى” (سورة الضحى: 6).
لذلك أنا على يقين أن الله لم يرد بي إلا الخير وبعد كل هذه المعاناة سأتلقى كل ما هو جميل فصبر جميل والله المستعان.
الحمدلله على فات ومضى والحمدلله على نعمه… أدعو الله أن يهب كل إنسان مؤمن صالح المعرفة والالتقاء بالجماعة. آمين.