منقول من مجلة زاد المسلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله …
نحمده ونصلي على رسوله الكريم وعلى عبده المسيح الموعود آمين
أنا راندا أحمد…من مصر
كنت مسلمه سنية وكان الدين بتصوري أنه قد فُرض عليّ أن أعبد الله وأن أؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأصلي وأصوم. وأما مسألة الإيمان باللَّه تعالى فمن المـُسَلّمَات أن أعبده حتى أدخل الجنة وأني لو تصرفت تصرفًا يغضب الله سأدخل النار. وللأسف كنت أقول إني أحب الله ولكني فى الحقيقة كنت أخافه خوفا من العقاب والعذاب إذا خالفت أوامره تعالى، فكان حب الله حب ظاهري مبني على الخوف والرعب من النار والعذاب.
وفي عام 2008 تعرفت على الجماعة الإسلامية الأحمدية عن طريق زوجي الذي بدأ يكلمني عنها ولكني خفت ورفضت أن اسمع لكي لا يكون ما أسمعه محرمًا أو أكون خرجت عن الدين، ثم اقتعنت أن أبدأ بالسماع لهم عندما رأيت في حلقة من حلقات الحوار المباشر الأستاذ محمد شريف يقول: “اسمعونا ولا تؤمنوا إلا إذا اقتعنتم وتبينتم صدق الإمام ….”
فدخلت كلماته في قلبي بفضل الله وبدأت أشاهد الحلقات وحلقات الأستاذ مصطفى ثابت رحمه الله وبقية الأخوة وكانت تفسيراتهم مذهلة وكان كلامهم يدخل عقلي جدا …
كنت حامل حينها في أول الحمل ولم أكن أعرف جنس الجنين فجاء زوجي وقال لي :
(أنت إن شاء الله حامل بمولود ذكر وإن شاء اللّه سنسمي الولد “تيسير”) فاعترضت -لأنه في مصر هذا الاسم للبنات- وقلت ذلك لزوجي، فقال لي:
(أنه رأى المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام فى الرؤيا جالس وعلى رجله ولد جميل جدا فسأله زوجي من هذا؟ فرد عليه المسيح الموعود عليه السلام وقال تيسير…) ولأجل ذلك سنسميه تيسير …تجادلنا على الاسم واتفقنا أخيرا على أن نسميه محمد تيسير …
ولما ذهب لتسجيل الولد باسم محمد تيسير رفضت الموظفة وطلبت من زوجي أن يختار اسمًا واحدًا فاختار اسم تيسير .
وبفضل اللَّه تعالى ابني تيسير عمره الآن 11 عام…وكان ابني يحمل نفس الملامح التي رآها زوجي في الرؤيا…وهذا كان إثبات ليّ أنها رؤيا صادقة وقد تحققت …
بدأت بعدها أسمع للأحمدية بقلبي وليس بعقلي فقط…رأيت البساطة والتوسط واليسر في كل ما يخص الدين، والهدوء بأسلوب نشر الدعوة وعدم إجبار أحد على أى شيء ..
ولفت انتباهي تفسير قصة سيدنا إبراهيم وتفاسير كثيرة وأذهلني الكلام عن عدم جواز قتل المرتد…كل هذا رقق قلبي بفضل الله …
فسابقا كنت أعبد الله ولكني لم أكن أراه فى شيء …
ومن الأمور التي لها أثر كبير في بيعتي هو المال، فسبحان اللَّه الغني لقد كنا ميسوري الحال جدا من فضل اللَّه، ولكن هذا المال كان حاجزًا بيننا وبين أن نتعرف على الله… فأراد الله تعالى أن يقدر علينا رزقه وفقدنا كل ما نملك وذلك قبل البيعة.. وكنت غاضبة جدا بسبب ماوصل بنا الحال.. ولم أكن أعلم ما يكنه الله من الخير بسبب هذا الفقد …
وبعدما فقدنا ما نملك ابتعد عنا بعض الناس وخصوصا ممن لم نتوقع منهم ذلك…وكان لهذا حكمة من الله وهي تجريدنا من البشر والنظر إلى الله وحده رب البشر…
كنا نبحث أثناء ذلك عن الجماعة… ولم نعلم أن في مصر أخوة منهم… بقينا من عام 2008 لما تعرفنا عليهم بالقناة لا نجد من يوصلنا إليهم حتى أراد الله في عام 2017… وكانت صدفة بتدبير الله.. بحثت عن الأستاذ محمد شريف على النت وبفضل اللَّه وصلت إليه.. وقام مشكورا بوصلنا بالجماعة في مصر.. ولكني لم أوفق أن أبايع فى هذا العام سبحان اللَّه لخير.. لكي يزداد إيماني.. فقد حدث لي موقفين زادا يقيني أن الجماعة على حق ..
الموقف الأول: كان زوجي من المدخنين وكان يدخن 5 علب سجائر في اليوم وطلب مني أن أطلب الدعاء له من الأستاذ محمد شريف.. وسبحان الله بعد شهرين من دعاء الأستاذ محمد شريف أقلع زوجي عن التدخين مباشرة وبصورة قطعية، بفضل الله فقط وهذا أمر كان من المستحيل تخيل حدوثه.
والموقف الثاني: كان والدي مريض بأمراض مزمنة وكان يتألم وكان يصلي بصورة متقطعة أو لا يصلي أبدًا، فطلبت الدعاء له من المهندس فتحي عبد السلام..وقد دعا حرفيًا بما يلي: (اللهم اشفه وارزقه حسن الخاتمة)
وفي اليوم التالي دخل والدي في غيبوبة كبد، فقلت فى نفسي أنا طلبت منه الدعاء لوالدي فحصل العكس وبدأت أبكي ولم أفهم حكمة الله في تلك اللحظة، ولكن سبحان الله قد استجاب الله لدعائه وفاق والدي من الغيبوبة، والأغرب أنه كان يريد الصلاة…صار يصلي ولا يترك أي فرض مع أن مرضه قد زاد جدا لكنه أصبح من المصلين…
وتوفي والدي بعد شهر من دعاء المهندس فتحي… وفعلا أحسن الله خاتمة والدي بالصلاة وأكرمه بنطق الشهادة قبل طلوع الروح مباشرة..
هذان الموقفان جعلاني أعيد النظر أكثر وأكثر حول الأحمدية واستجابة دعاء أتباعها…
كنت أقول في نفسي أنا مؤمنة بالأحمدية لكن البيعة غير ضرورية، ولكنهم كانوا دائما يقولون لي إن البيعه خير لك وستنالين البركة بعد البيعة …
فأقول بركة ماذا؟! فيقولون بركة في المال والأولاد والرزق وكل شيء ..
وبصراحه كانت مشكلتنا التي لم أجد لها حل هي المال والرزق… فقلت في نفسي يجب أن أبايع لأرى بركه المال ..
وكنت أظن أن البركة تعني أنه -بما أنه لايوجد معنا المال- سيبقى معنا المال الكثير وستحل مشاكلنا ..
وأتت الفرحة والنعمة التي لا تقدر بثمن والتي كنت أجهلها وهي نعمة البيعه بتاريخ (11/1/2019) …كان من أسباب تأخري عن البيعه أني لم أكن ملتزمة بالصلاة ومقصرة وأنتظر الالتزام بها ومن ثم أبايع…ولكن يشهد الله أن البيعة هي التي تساعد على إنهاء كل تقصير وتحل كل معضلة في حياتنا…
أصبحت الأحمدية واضحة عندي إلى حد كبير وبايعت عن قناعة ولكني لم أتعامل مع أيٍ من الأخوات الأحمديات.. وفى يوم البيعة ذهبت لمقر الجماعة ففتحت لي أخت أحمدية وعلى وجهها ابتسامة عريضة جعلتني أشك أنها تعرفني وأول ما عرفت أني مبايعة جديدة سلمت عليَّ بحرارة جعلتني أستغرب وإذا بأخت أخرى سلمت بنفس الحرارة… فقلت في نفسي ما نوع هؤلاء الناس.. لماذا يسلمن عليّ بكل هذا الحب وهن يرينني لأول مرة؟
شعرتُ بفرحةٍ لم أتذوقها من قبل بسبب استقبال الأخوات لي ..
وبدأت الحياه الحقيقة بعد البيعة …
بعد انضمامي للأحمدية … عرفتُ اللَّه الحقيقي إلهٌ يُعبد بِكُل حُبٍ، إلهٌ واحدٌ لا شريك له.
فلقد كنت قبل البيعة أعبدُ اللّٰه لأني أخافه فقط وبعد البيعة صرت أعبده ﷻ لأني أحبه وأريد لقاءه ﷻ…
تعرفت على رحمة اللَّه وأنست بقربه وذهلت من رأفته على العباد فهو ﷻ أرحم من الأم على وليدها …
لقد أحياني اللَّه من موت القلب وأخذني من ظلمات الدنيا إلى أنوار الآخرة …
كان قلبي قبل البيعة مليء بشوائب الدنيا، وبعد البيعة والتقرب من اللّٰه والدعاء، طهر اللَّه قلبي من أدران الدنيا فغدوت أعيش في جنة اللّٰه على أرضه فتحققت كلمات المسيح الموعود عليه السلام: “أرض جديدة وسماء جديدة”
وكلما تقربت من اللّٰه كلما زادت نعمه التي لا تعد ولا تحصى …
البيعة نور ينير للإنسان العتمة التي بداخله بالقرب من اللّٰه وحب رسوله الأكرم واتباع مسيحه الموعود…
وهنا أود أن أطلعكم على أمر غاية في الأهمية:
بالنسبه للمسيح الموعود عليه السلام.. فإنني قبلت البيعة بقناعة تامة بأنه هو المسيح الموعود والمهدي المعهود الذي بشرنا به حضرة المصطفى (ﷺ)، إلا أني سامحني الله لم أكن أشعر نحوه بمحبة كبيرة ولم أرغب أبدا أن أقول عنه (عليه الصلاة والسلام).. وبعد البيعة دعوت الله أن يرزقني حبه ويعرفني به، وبفضل اللّٰه تقبل اللّٰه دعائي، والسبب في ذلك بركة قراءة كتبه القيمة والتي يوجد فيها من الروحانيات ما يرفع البشر إلى السماء من صدق كلماته وعشقه للَّه تعالى وحبه للحبيب المصطفى سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وتنزهه عن ذكر نفسه، فكلما قرأت كتبه أبكي بلوعة العشاق وأندم أني قصرت في حبه وأصبحت أقول عنه (عليه الصلاة والسلام) بكل حب .
أعيش الآن الحياة الحقيقة بعد البيعة ورأيت جمال اللّٰه ﷻ ومساندته للذي يتوكل عليه… ولمست استجابة الدعاء بشكل خارق للعادة… وأود أن أذكر لكم شيئًا من استجابة الدعاء بفضل اللّٰه…
كنت مرة حزينة جدا وأتألم وطلبت من ربنا أن أرى سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في الرؤيا وهو (يطبطب عليَّ) أي وهو يربت على كتفي ويحنو عليَّ…وسبحان اللّٰه استجاب اللّٰه لي ولكني لم أر سيدنا محمد (ﷺ) بشخصه الكريم بل رأيت مولانا الخليفة مسرور أحمد أيده اللّٰه بنصره العزيز ودعا لي وطبطب علي مثلما طلبت من اللّٰه تعالى تمامًا، وعرفت أن الخليفة هو رَجُل اللّٰه على الأرض وصرت أذوب حبًا بالخلافة بعد هذه الرؤية التي تمثل فيها مولانا نصره اللَّه بشخص المصطفى عليه الصلاة والسلام…
فمن يريد الحياه الحقيقية حياة الجنة فليسارع إلى البيعة وينفذ شروطها قدر المستطاع، ويتعرف على اللّٰه ويتصف بصفاته ويحب جميع خلقه وليُطَلّق نفسه طلاقًا باتًا وعندها سيعيش في الجنة. لقد عشت بعد البيعة جمال مواساة خلق اللّٰه النابع من القلب لوجه اللّٰه.. عشت بعد البيعة العفو والإحسان لخلق اللّٰه حتى للذين آذوني وهذا شعور عظيم لكنه يحتاج لجهاد أعظم.
عشت بعد البيعة معنى أن اللّٰه أقرب إلينا من حبل الوريد وشعرتُ بوجود اللّٰه فى كل حياتي فكلما توجهت إليه سبحانه وتعالى رأيته… وكلما كانت أعمالنا خالصة للَّه تعالى وخالية من الرياء ومن الشوائب كلما شعرنا بقرب اللّٰه أكثر وأكثر…
عشت رحمانية اللّٰه وعاينتها بمغفرة الذنوب وقبول التوبة من أي ذنب…كنت أتخيل قبل الأحمدية إن من يرتكب ذنبًا فإن الله سيعذبه وينتقم منه و.. و.. و… حاشا للَّه …
فعرفت أنه تعالى يغفر لي ويرحمني ويرزقني ويتولاني وهو الذي يأخذ بيدي إليه جلَّ جلاله .
ما أجملك ربي سبحانك! لا إله غيرك…
اسمحوا لي أن أتكلم عن شيء فيه من الجمال والروعة ما لا يتخيله عقل …
أتكلم هنا عن الصدقة التي أصبح لها طعم آخر بعد البيعة …
كما ذكرت، كنا ميسورين الحال ومرتاحين ماديا ولكن الحمد للَّه رب العالمين فقدنا كل ما نملك إلا شقة واحدة يدخل لنا منها إيجار وهذا الإيجار يعادل راتب زوجي ولزوجي زوجة أولى وأنا وأربعة أولاد، وبالتالي فهذا الدخل لا يكفي إلا لثلاث أو أربعة أيام من الشهر.. سأذكر المبلغ بالضبط لتشاهدوا رحمة ربنا التي تجلت بأعظم صورة بعد البيعة …
المبلغ 2000 جنيه ولكم أن تتخيلوا هل هذا المبلغ يكفي لفتح بيت واحد حتى بدون أطفال؟ لكنني أقول لكم الحمد للَّه نعيش بكرم اللّٰه علينا وإن الأذكار والصدقة هي السبب بالبركة… نعم نحن لا نملك المال لكن ربنا يرزقنا الكفاف والرضا.. وأواظب رغم صغر المبلغ على التصدق ودفع 1/16 من الدخل وأرى العجب العجاب… كلما مرض أحد منا أتصدق وبفضل اللّٰه تعالى صرنا نتعافى بدون الذهاب للطبيب وتكفينا زجاجة دواء من الصيدلية حتى نتعافى…
كلما شعرت برعاية اللّٰه وعنايته لنا أتصدق…
كلما يتعبني أحد أبنائي أتصدق …
كلما حزنت أتصدق ….
كلما فرحت أتصدق..
كلما احتجت المال أتصدق..
وأشهد اللّٰه أن بعض ديوني قد سددتها بسبب التصدق… لا تستصغروا أي شيء….نعم، أنا لا أتصدق بمبلغ كبير ولكن البركة قد نزلت علينا لهذا السبب …
كنت دائما اتمنى أن أقوم بما قام به سيدنا أبو بكر الصديق وأن أتبرع بكل ما أملك لوجه اللّٰه وربنا تفضل عليَّ بهذه النعمة وشاهدت عجيبة من عجائب الرب الكريم..كان معي مبلغ بسيط جدًا ولا أملك غيره وبيتي وأولادي محتاجين أكثر منه بكثير وقررت أن أتصدق بالمبلغ كله لوجه اللّٰه.. ولكن هل تتركني نفسي الأمارة؟ لا، بل بدأت تقول لي؛ لا تتصدقي به كله.. أبقي شيئا منه لك أفضل… ولكني استعنت باللَّه وقررت أن أنفذ ما نويت وتصدقت بكل ما لدي وكان فضل اللَّه أعظم وأكرم ففي نفس اليوم رزقني ما تبرعت به وزيادة… بكيت من سرعة رد اللّٰه ولست مصدقة لما حدث… وكررت هذا الفعل أكثر من مرة وكل مره يرزقني اللّٰه بأضعاف ما أتصدق …
الصدقه لا تنقص منا شيء بل تزيدنا كثيرا …
وعندما لا أملك المال أتصدق بابتسامة أنويها مواساة لخلق اللّٰه أو أقوم بمساعدة أحد خلقه تعالى …
رغم أني لا أملك الكثير ولكني أشعر أني أغنى أغنياء العالم باللَّه …لا أشعر بنقص في أي شيء فى الدنيا بسبب القرب من اللّٰه .. وما يعينني على نفسي وعلى معاملة الناس بالحسنى هو قول رسول اللّٰه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم: “الخلق عيال اللّٰه، فأحب الخلق إلى اللّٰه من أحسن إلى عياله “
وختامًا أقول إن بيعة المسيح الموعود عليه السلام امتثالاً لأوامر اللَّه تعالى وطاعة لرسول اللّٰه هي الجنة.