منقول من مجلة زاد المسلمة

ترجمة: خلود العطيات3/4/2021

ترعرعتُ في بيئة غنية بمختلف الديانات وجميع أنواع المعابد، حيث تُعبد مجموعة متنوعة من الأصنام… تايوان بلد الحرية الدينية، لذلك تعرفت على العديد من الأديان المختلفة. كنت أؤمن بالإله ولكن ليس بكونه الخالق الوحيد، وإنما آمنت بالعديد من الآلهة التي تعبد في المعابد، وعرفت كذلك المسيح وبوذا فصليت لهما، لكنني لم أعاملهما كآلهة.

ذهبت إلى إنجلترا للدراسة عام 2006 حيث كانت المرة الأولى التي التقيت فيها بنساء مسلمات، محجبات وغير محجبات. ترك الإسلام انطباعًا غامضًا في داخلي رغم أنني بالكاد عرفتُ شيئًا عنه. في ذلك الوقت وذات يوم عندما كنت أمشي في الحرم الجامعي، قابلت سيدتين ودودتين، قامتا بدعوتي لدراسة الكتاب المقدس معهما. اعتقدتُ حينها أن هذه فرصة جيدة لتكوين صداقة مع البريطانيات وممارسة لغتي الإنجليزية، فوافقتُ على الفور وبدأنا في الالتقاء والدراسة بانتظام. بعد وقتٍ قصير من الدراسة، أدركتُ أنهما ينتميان إلى شهود يهوه وقد أعطتاني كتابًا عن التوحيد والمسيحية.كان كتيبًا صغيرًا عن خالق واحد، فشعرت بالصدمة أثناء قراءته ولكنه جعلني أدرك حقيقة التوحيد. وتخليت منذ ذلك الحين عن الشرك، وآمنت تمامًا بالإله الواحد.

تعرفت خلال العام الدراسي على بعض الصديقات المسيحيات والمسلمات وواصلت قراءة الكتاب المقدس وكتبًا عن المسيحية والإسلام.كما واظبتُ في تلك الأثناء على طرح الأسئلة عليهن. ذات يوم ارتكبت خطأ وندمت ندمًا شديدًا فواستني صديقتي المسيحية بقولها إنني طالما أؤمن بالسيد المسيح وأن موته كان كفارة عن البشر، فقد غُفرت جميع خطاياي السابقة وكأنني وُلدت من جديد، لذلك اقتنعت بالمسيحية وآمنت أن السيد المسيح قد كفّر ذنوبي وأنني بريئة طالما أني اعتنقت المسيحية. فأصبحت أنضم إلى الأنشطة الجماعية لأصدقائي المسيحيين في أغلب الأوقات، مثل قراءة الكتاب المقدس وحضور أنشطة الكنيسة والغناء وتناول الطعام معًا وما إلى ذلك.

واظبت على قراءة الكتاب المقدس والكتب الدينية الأخرى ووجدت بعض التناقض في الكتاب المقدس. كما كنت أشك أيضًا في بعض الأحيان فيما إذا كان موت المسيح حقًا يمكن أن يكفر عن خطايا البشر، أم أنه كان مجرد عزاء نفسي لي فإذا كان موت السيد المسيح يمكن أن يكفر عن جرائم الإنسان، فهل يكفي موت شخص واحد للتكفير عن جرائم البشر المتكررة؟ هل التوبة للمسيح كافية للنجاة من العقاب؟كنت لا أزال مليئة بالشك ولم يهدأ تفكيري.

ذات يوم، قرأت كتابًا بعنوان “دليل مصور ومختصر لفهم الإسلام”، لقد تركت براهينه العلمية القرآنية أثرًا عميقًا في قلبي. إضافة إلى ذلك، هزتني نبرة الآيات القرآنية وشعرت أنه من المحال أن يكون من كتابة إنسان وأنه تحفة رائعة. لقد جذبتني الآيات العربية الجميلة جدًا، فتأملتها وأدركت أن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) هو بحق رسول الله. وأثارت أخلاقه العظيمة وقصة حياته إعجابي بقوة.

أخيرًا، أدركت أن الإسلام هو الدين الحق والأخير، لكن عقلي كان في حالة تصارع: هل علي اعتناق الإسلام؟ فقواعده الدينية صارمة وهذا سيحدث تغييرًا كبيرًا في ملابسي وطعامي وجوانب أخرى من حياتي أيضًا.كان كل شيء مختلفًا تمامًا عن خلفيتي الأصلية، ولذلك ترددت. لكني في ذلك اليوم تقلبت باضطراب طوال الليل.كان هناك صوت في رأسي يقول لي “لماذا لم تقبلي الإسلام وأنت تعرفين أنه الحق؟ ألا تخشين عقاب الله؟”. لم أستطع النوم جراء هذا القلق الشديد، فانتظرت حتى الساعة الرابعة أو الخامسة فجرًا وأرسلت رسالة إلى إحدى صديقاتي المسلمات أخبرتها فيها أنني أريد أن أعتنق الإسلام على الفور وطلبت منها مساعدتي فردت عليّ بأن أقابلها في غرفة الصلاة في الصباح الباكر.

 خرجت مبكرة إلى غرفة صلاة الطالبات المسلمات. لقد جاءت صديقتي أيضًا مبكرة جدًا وكانت مندهشة جدًا من سلوكي. علمتني لاحقًا ترديد الشهادة وكيف أصلي وأرتدي الحجاب. في ذلك اليوم، كان هناك العديد من الطالبات المسلمات الأخريات اللاتي حييّنني، وقدمن لي الهدايا والكتب وعلمنني الوضوء وما إلى ذلك. فيما بعد، بدأت بتلقي الدروس الإسلامية وحضور مؤتمرات عن الإسلام والمشاركة بالأنشطة مع المسلمين. لقد تعلمت الكثير عن الإسلام أثناء إقامتي في جامعة نوتنغهام.كما حصلت أيضًا على منحة لدراسة الإسلام واللغة العربية في أكاديمية جديدة في لندن.

بعد بضعة أشهر تخرجت من الجامعة، وذهبت إلى لندن وبالتحديد إلى تلك الأكاديمية الجديدة لدراسة اللغة العربية. كان المدير يعرف وضعي وكان لطيفًا جدًا معي فعرض علي وظيفة مساعدة في الأكاديمية.

طلب مني ذات مرة أن أجمع منشورات دورات اللغة العربية من الكليات والأكاديميات الأخرى القريبة في لندن وحدث ذات يوم أن دخلت كلية بالخطأ تسمى الكلية الأوروبية وسألت إن كان لديهم دورة للغة العربية. فأجابني المدير بالنفي، لكنه غير رده على الفور وسألني إذا كنت مسلمة فأجبته بنعم. فأخبرني أنه مسلم أيضًا وأنه يعرف اللغة العربية ويمكنه أن يعلمني العربية مجانًا بشكلٍ يومي، كما يمكنني استخدام أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم لتعلم اللغة العربية أيضًا. عندما سمعت ذلك، سعدت جدًا وصرت متشوقة لتعلم اللغة العربية منه. منذ ذلك الحين، قضيت بعض الوقت بالذهاب إلى كليته وعلمني اللغة العربية.

في غضون ذلك، قدم لي العديد من الكتب الدينية والإسلامية لقراءتها. فبدأت بقراءة مجلة صغيرة اسمها “مقارنة الأديان” وقد جذبتني كلمات شخص أطلق على نفسه اسم المسيح الموعود، كان تعليمه جميل ومؤثر للغاية. شعرت بالفضول تجاهه لذا سألت المدير الكثير من الأسئلة. عرفت تدريجيًا أن هناك طائفة إسلامية تسمى الأحمدية وأن المسيح الموعود حضرة ميرزا ​​غلام أحمد هو مؤسس هذه الجماعة. قرأت المزيد من كتاباته ومقالاته وقد جذبتني حقًا تعاليمه وكلماته، لكنني لم أكن مقتنعة تمامًا بأنه كان نبيًا أيضًا. نظرًا لأن فكرة أن رسول الله محمد ﷺ هو آخر نبي كانت متجذرة بعمق في ذهني، وكان من الصعب علي قبول أن يكون حضرة ميرزا ​​غلام أحمد نبيًا. في تلك الأثناء، قرأت سيرته الذاتية “أحمد المهدي” التي كتبها كاتب إنجليزي محايد، فأذهلتني جهوده وموهبته في البحث عن الحقيقة والدفاع عن الإسلام الحقيقي. وإضافة إلى ذلك، تأثرت كثيرًا بكتاب المسيح الموعود عليه السلام “المسيح الناصري في الهند” وقصة سفر السيد المسيح إلى الهند.

قبل أن أقرأ الكتب المسيحية، كنت مندهشة جدًا من قصة “من يحرك الحجر”. لذلك كانت قصة السيد المسيح في الهند منطقية بالنسبة لي لربط السيناريو بأكمله.

أخبرني المدير أن بإمكانه أن يرتب لي زيارة لمسجد الأحمديين وأنه يمكنني هناك سؤال الداعية الأسئلة التي تدور في خلدي جميعها. لذلك طلبت منه ترتيب الأمر وذهبت إلى مسجد الجماعة الإسلامية الأحمدية -مسجد بيت الفتوح- في موردن. كان المدير قد رتب لتواجد بعض الأخوات الشابات للترحيب بي هناك. فأصبحت صديقة لهن، كما قابلت الداعية الأحمدي في المسجد وقد شرح لي أنّ ما بناه المسيح الموعود هو نظام الخلافة المفقود في الإسلام وأهمية هذا النظام وما إلى ذلك. كما بيّن لي الفرق بين الجماعة الأحمدية والطوائف الأخرى. في تلك اللحظة، أدركت ضرورة نظام الخلافة في الإسلام. وأن الإسلام بدونها كومة من الرمال الرخوة. يوجد العديد من المسلمين الطيبين والكرماء والذين يساعدون بعضهم بعضًا ويساعدون الفقراء والمحتاجين، لكن كومة من الرمل السائب لا يمكن مقارنتها بحصن قوي وصلب. خاصة أن هذا الحصن محميٌ من الله سبحانه وتعالى.

لقد لاحظت ورأيت نظام الجماعة الإسلامية الأحمدية وشغف أبنائها وحبهم وولائهم للخليفة. فتساءلت ما هي هذه القوة السحرية التي تجعل هؤلاء الناس مهووسين بالخليفة؟ خلال لقائي بالداعية في مسجد بيت الفتوح، أدركت بالفعل أن الأحمدية هي الإسلام الحقيقي وتذكرت كلمة المدير: “ما ضير أن يكون حضرة ميرزا غلام أحمد نبيًا؟” فاعترفت في قلبي بأن لديه بالفعل جميع إمكانات النبي وأن نصر الله القدير كان حليفه. فلماذا أصرُّ على تعريف واحد مطلق لمعنى “خاتم” في اللغة العربية وأقيده “بالأخير” وأوقف رحمة الله للإنسان؟

بعد زيارة مسجد الجماعة الإسلامية الأحمدية، قررت الانضمام إلى هذه الجماعة وساعدني المدير في أخذ البيعة.كما رتب لي للقاء الخليفة الحالي.كانت أول مرة أرى فيها خليفة الأحمدية،كنت فضولية وهادئة وكانت عملية الانتظار والإجراءات منظمة للغاية وكان الجو رسميًا. عندما قابلت الخليفة، أذهلني لطفه ووده. بدا متواضعًا وتقيًا، وفاق الأمر جميع توقعاتي، فقد اعتقدت في البداية أنه قد يكون قائدًا جادًا وباردًا إلى أقصى درجة. بعد التحدث معه، شعرت أنه بحق رجُل الله ومن المقربين. كانت تحيط به هالة أو قوة غير مرئية. وشعرت بالرضا عن اختياري اتباع الأحمدية ونظام الخلافة. وأشكر الله على توجيهي ومساعدتي في العثور على هذه الحقيقة الجميلة والإسلام الحقيقي وأدعو الله أن يهدي المزيد من الناس لرؤية الحق، آمين.