منقول من مجلة زاد المسلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدة خولة أو خويلة متزوجة من الصحابي أوس بن الصامت
وكانت عادة الظِّهار ساريةً في العرب آنذاك، والظهار هو أن يقولَ الرجل لامرأته ساعةَ الغضب: “أنتِ عليَّ كظهر أمي” يعني أنت الآن بمثابة أمي، وبالتالي تتوقف العلاقة الزوجية بينهما، ولا يمكن للمرأة في هذه الحالة المطالبة بالطلاق حتى تستطيع الزواج بآخر، ولا يمكنها التمتع بالحقوق الزوجية، وبالتالي تظل معلقة.
فالذي حدث بعد أن ظاهرها زوجها جاءت السيدة خولة إلى رسول الله ﷺ تشكو إليه، وكان رسول الله ﷺ يجادلها فيه ويقول: “اتقي الله فإنه ابن عمك”، أي كان يقول كيف تكونين أمّه وهو ابن عمك وأنت متزوجة به؟! على أية حال تقول خويلة بنت مالك أنها أصرّت على شكواها حتى نزلت الآية: ]قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها[… ثم نزلت الآيات التي تفصل كفارة الظهار حيث يقول الله تعالى: ]الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ[ (المجادلة 3-6)
وهنا قال لها رسول الله ﷺ أن على زوجها: يعتق رقبة، فقالت: لا يجد، فهو شخص فقير. فقال: فليصم شهرين متتابعين فقالت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به من صيام! فقال: فليطعم ستين مسكينًا، فردت: ما عنده من شيء يتصدق به! فأعطاها رسول الله من عنده ِفَرْقًا من تمر، فقالت: وأنا سأعينه بآخر يا رسول الله. (أي يمكنني أن أدبر له آخر مثله) فقال: “أحسنتِ! اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا وارجعي إلى ابن عمك”. (أي إذهبي عند زوجك فإنك زوجته ولم تصبحي أمّه لمجرد قوله المذكور)
يقول المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) في ترجمة معاني هذه الآية: إن الذين يظاهرون من زوجاتهم لا تصبحن أمهاتِهم إذ ليست أمهاتُهم إلا اللواتي ولدنهم، غير أن قولهم هذا قول سخف ومحض كذب، والله عفوُّ غفور. والذي يظاهر من زوجته ثم يتراجع عما قال يجب أن يحرر رقبةً قبل أن يمس زوجته. هذا ما يعظكم به الله الخبير. وإن لم يستطع فليصم شهرين قبل أن يمسها، وإن لم يستطع الصوم أيضا فليطعم ستين مسكينا.
ويقول سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز في خطبة الجمعة 08-02-2019:
“في سياق بيان سيرة الصحابة تتبين بعض المسائل والأحكام أيضا.
قال ابن عباس: أول ظهار كان في الإسلام أوس بن الصامت، وكان تحته بنت عم له، فظاهر منها.
هذه حدود الله التي أقامها. وقد طُرح السؤال نفسه على المسيح الموعود u فقال مشيرا إلى الكفارة المذكورة أن هذه هي عقوبة الظهار. ثم طُرح السؤال نفسه على الخليفة الثاني t فأعطى الجواب نفسه. أما إذا كان أحد فقيرا فقرا مدقعا لا يقدر على شيء فليستغفر الله وليكفّر بحسب استطاعته.
باختصار، لقد وضع الله تعالى بعض الحدود، منها أنه إذا قال أحد لزوجته أنها مُحَرَّمة عليه كأمّه أو أخته فلا تصبح كذلك. إذ من عادة بعض الناس أنهم يحرمون زوجاتهم على أنفسهم لأتفه الأمور ويقسمون أيضا أنهن محرمات عليهم كفلانة وفلانة. ومن فعل ذلك سيعاقَب بحسب الحدود المذكورة أي فليحرر رقبة أو يَصُمْ شهرين أو يطعمْ ستين مسكينا.”
قصة لها مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
فقد روي أنه رضي الله عنه خرج ومعه مجموعة من الناس، فمر بعجوز، فجعل يحدثها وتحدثه (يعني طال الأمر) فقال رجل: يا أمير المؤمنين، حبستَ الناس على هذه العجوز؟ ! فرد سيدنا عمر: ويلك! تدري من هذه؟ هذه امرأة سمع الله عَزَّ وَجَلَّ شكواها من فوق سبع سموات، هذه خولة بنت ثعلبة التي أنزل الله فيها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} .
والله لو أنها وقفت إلي الليل ما فارقتها إلا للصلاة، ثم أرجع… يعني طالما أن الله بنفسه قد سمع لها كيف أنا لا أسمع لها حتى لو بقيت تحدثني حتى الليل لن أتركها أو أقاطعها إلا للصلاة.
سبحان الله هذا هو الخوف من الله تعالى.