منقول من مجلة زاد المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الصحابية الجليلة أُم كُلْثُوم بنتُ عُقْبَة بن أبي مُعَيط القُرَشية الأموية وهي أخت سيدنا عثمان بن عفان لأمه وابنة أحد قادة المشركين، عقبة بن أبي معيط، الذي لقي حتفه في بدر.، ولم يكن لأمّ كلثوم بمكّة زوج، ويقال إنها مشت على قدميها من مكّة إلى المدينة، فلما قدمت المدينة تزوَّجها زيد بن حارثة فقُتِل عنها يوم مؤتة، فتزوّجها الزّبير بن العوّام، فولدت له زينب، ثم طلقّها فتزوّجها عبد الرّحمن بن عوف، فولدت له إبراهيم وحميدًا، ومنهم من يقول‏:‏ إنها ولدت لعبد الرّحمن: إبراهيم، وحميدًا، ومحمدًا، وإسماعيل، ومات عنها فتزوَّجها عمرو بن العاص، فمكثت عنده شهرًا، وماتت‏..

لقد أسلمت أم كلثوم بمكة وبايعت قبل الهجرة. وهي أول من هاجر من النساء بعد أن هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى المدينة. ويقول ابن سعد: لم نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلى الله ورسوله إلا أم كلثوم بنت عقبة. خرجت من مكة وحدها وصاحبت رجلًا من خزاعة حتى قدمت المدينة في الهدنة هدنة الحديبية.

وكما نعلم من شروط صلح الحديبية أن يرد الرسول ﷺ من يأتي إليه من قريش ولكن إذا جاء أحد من المسلمين إلى قريش فلا يردوه وبالفعل في حالة السيدة أم كلثوم قد خرج في إثرها أخواها الوليد وعمارة ابنا عقبة لاسترجاعها

ولما وصل أخوا أم كلثوم إلى المدينة قالا لرسول اللهﷺ: يا محمد فِ لنا بشرطنا وما عاهدتنا عليه. وهنا قالت أم كلثوم: يا رسول الله أنا امرأة وحال النساء إلى الضعفاء ما قد علمت. فتردني إلى الكفار يفتنوني في ديني ولا صبر لي؟ فبين الله تعالى أن الشرط في صلح الحديبية ليس في النساء وأنزل فيهن المحنة حيث قال تعالى في سورة الممتحنة: «فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ». فامتحنها رسول الله وامتحن النساء بعدها وقال: والله ما أَخرَجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام وما خرجتن لزوجٍ ولا مال. فإذا قلن ذلك تُرِكن ولم يُعَدنَ إلى أهاليهن.

وهذا لا يعني أن رسول اللهﷺ قد نقض المعاهدة والعياذ بالله بل كان يرد كل من أتاه من قريش ما عدا النساء فقد كان يمتحنهن فإن كن فعلا ثابتات على الإيمان أبقاهن

وشرط المعاهدة الخاص بهذا الأمر.. وهو وارد في البخاري الذي هو أصح الكتب يقول الشرط: “لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا‏.‏”

وقد تم الاعتماد على لغة المعاهدة “لا يأتيك منا رجل” ولا مبرر لأهل قريش للاعتراض أساسًا خصوصا أن سهيل بن عمرو، مبعوث قريش في الحديبية، قد دقق كل كلمة من كلمات المعاهدة قبل الموافقة عليها. بل في الواقع، فإن أحكام المعاهدة قد صيغت بالصيغة التي اقترحها سهيل.. ومن الواضح أن هذا الشرط من المعاهدة يقتصر على وجه التحديد على الرجال.

روت عن الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة أحاديث وروى عنها ولداها أيضا وهي من سألها سيدنا عُمَرَ:

أَقَالَ لَكِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (انْكِحِيْ سَيِّدَ المُسْلِمِيْنَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ؟) قَالَتْ: نَعْم. وهي كما رأينا قد تزوجت أربعة من كبار الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.